غادرنا مدينة مأرب الصباح الباكر ميممين وجوهنا نحو إحدى الجبهات التي اذا ذكرت لدى الشرعية يتبادر إلى أذهانهم المعنى الحقيقي للشجاعة ولأبا والتضحية والفداء والثبات والرجولة والشهامة، واذا تَذَكَرتْهَا ميليشيات الحوثي تقشعر من ذكرها ابدانهم وتظهر عليهم علامات الخوف والرعب والهلع تذكرهم بآلاف قتلاهم الذين نفقوا فيها واضعافهم من الجرحى ويتبادر إلى اذهانهم كيف مرغت انوفهم في التراب واذلتهم ولقنتهم دروس لا تنسى.
نعم نعم أعرف انكم متشوقون لمعرفة الجبهة التي أتحدث عنها في مقدمة مقالي هذا.
انها الجبهة التي صمدت حين تراجعت الجبهات بجوارها، وهي الجبهة التي ثبتت حين انسحب من حولها، انها الجبهة التي تحاصرها مليشيات الحوثي من أكثر من جهة لكن لم تجرؤ تلك المليشيات التقدم شبراً واحدا فيها، انها جبهة الرجال، جبهة الأبطال، جبهة الأسود الكواسر، جبهة الشهداء، جبهة يتساوى فيها الرجال والنساء والأطفال في التضحية والفداء، إنها جبهة مؤسس الجمهورية الثاني القائد *عبدالرب الشدادي*،
انها العبدية (بني عبد) وما أدراك ما العبدية!
*مديرية العبدية* إحدى مديريات محافظة مأرب وهي مترامية الاطراف يقع بعضها على هضبة والبعض الآخر في أعالي جبال شاهقة ووديان سحيقة، تجاورها محافظة البيضاء من الجنوب الغربي وشبوه من الجنوب الشرقي وحريب من الشرق ومن الشمال ماهلية ورحبة مأرب.
أما *طريق العبدية* الرئيسية فهي في الأصل تمر من سوق قانية طولها 16كيلو متر معظمها مسفلت، لكن بعد سيطرة الحوثي على قانية وماهلية تغيرت الطريق فأصبحت الطريق تمر عبر مدينة حريب فطالت وأصبحت المسافة إلى قرية *خليلة* في مديرية العبدية 51 كيلومتر منها عشرة كيلو مسفلت و 41 كيلو متر طريق جبلية غير معبدة وشاقة جدا لا تتسع معظمها الا لسيارة واحدة فقط، يستحيل أن تمر بها السيارات العادية ولا تستطيع السير عليها إلا سيارات الدفع الرباعي فقط.
الحقيقة أن الناس تعاني منها أشد المعاناة خاصة وهي طريق يستعملها آلاف الناس في مديرية العبدية لقضاء حوائجهم وجلب مستلزمات معيشتهم واسعاف مرضاهم وغيرها من الأغراض الضرورية لحياتهم.
80 كيلومتر هي المسافة من مدينة مأرب إلى مدينة حريب والزمن تقريبا ساعة إلى ساعة ونصف، ويحتاج المسافر من حريب حتى يصل إلى قرية خليلة (شبة مركز مديرية العبدية) قطع مسافة 50 كيلو متر تستغرق أربع إلى خمس ساعات.
مديرية العبدية تحيط بها مليشيات الحوثي من ثلاث جهات من الشمال والجنوب والغرب أما جهة الشرق فهي المتنفس الوحيد لهم.
بعد هذه المقدمة التعريفية عن مديرية العبدية، نبدأ سرد حكايتنا وتفاصيل زيارتنا إليها.
وصلنا مدينة حريب لكننا لم نتوقف فيها وقبل دخولنا المدينة انعطفنا يمينا باتجاه العبدية ثم واصلنا السير على طريق مسفلته لمسافة 10 كيلو متر تمر عبر وادي مكسو بالخضرة والأشجار المثمرة منظر خلاب وجميل لاحظنا البيوت المبنية هناك بيوت جميلة تدل أن أحوال أهلها متيسرة، لفت انتباهنا قصر مبني بناء حديث من الاحجار الملونة يحيط به سور غاية في الجمال يتخلل السور نُوَبْ(جمع نوبه) اماكن للحراسة حصينة الحقيقة ان صاحب القصر تكلف لبنائه عشرات الملايين وربما أكثر سألنا الشخص الذي يقلنا لمن هذا القصر العجيب قال إنه بيت الشيخ غالب الأجدع أحد شيوخ مراد الكبار.
نكتفي بهذا القدر ونواصل سرد التفاصيل والمواقف العظيمة التي وأهجناها عند زيارتنا لعرين الأسود في مديرية بني عبد في المقال القادم ان شاء الله..
في أمان الله