إن الذهاب إلى ما بعد اتفاق الرياض دون تطبيقه كاملاً بما في ذلك الشق الأمني والعسكري، يعني تكرار كل مساوئ الاتفاقيات السابقة المنقوصة والمبتورة، وتجارب اليمنيين مع هذا النوع من الاتفاقيات مريرة ومصبوغة بالمآسي والانتكاسات، منذ اتفاق جدة 1970 الذي أعاد فلول الإمامة من النافذة بعدما أخرجتهم ثورة سبتمبر 1962 من الباب، وظلوا يعملون من داخل مؤسسات الدولة والنظام الجمهوري لاستعادة نظامهم البائد وحكمهم الإمامي المتخلف، وكذلك اتفاق الوحدة 1990 الذي لم يصمد شهورا قليلة أمام مطامع الشريكين المتشاكسين فكانت الأزمات السياسية سمة الفترة الانتقالية، ثم وثيقة العهد والاتفاق التي انقلب عليها الشركاء قبل أن يجف مداد التوقيع عليها وكانت النتيجة نشوب حرب 1994، وبعدها الكثير من الاتفاقيات التي لم تتوفر لها البيئة المناسبة للتطبيق كما لم تتحقق الإرادة الصادقة في تنفيذها، فكانت الاتفاقات والمعاهدات المنقوصة أسوأ بكثير من عدم الاتفاق .
توصلت الأطراف اليمنية والداعمون الاقليميون والدوليون للاتفاق على المبادرة الخليجية 2011 التي نكث بها أول المستفيدين منها وصاحب الحصانة والضمانة .
ثم كانت نتائج مؤتمر الحوار التي ضمنت للحوثيين تمثيلا أكبر من جحمهم وكانوا هم أداة الانقلاب على الحوار، وكانت المليشيا الحوثية نفسها هي من انقلبت على اتفاق السلم والشراكة الموقع من الجميع تحت أسنة رماح الحوثيين .
وما يحدث اليوم يشبه ما حدث بالأمس، لا تزال بنود الشق العسكري شبه مجمدة، ولا تزال العاصمة المؤقتة خارج مجال التطبيق فكيف تمارس الحكومة مهامها في مربع جغرافي لا يخضع لسيطرتها؟