;
شوقي الميموني
شوقي الميموني

المعنويات وتغيير موازين القوى (8) 949

2020-12-20 08:17:41

 

كيف غير الإسلام العرب؟ 

تساؤل ذكرناه في المقال السابق نجيب عليه في هذا المقال والمقالات التالية إن شاء الله. 

أودع الله تعالى في العرب صفات ومزايا قلما تجدها في غيرهم من المجتمعات الأخرى نذكر منها:

الشجاعة والاقدام، والكرم والسخاء، والذكاء الفطري، وحب الحرية والمساواة، فعمل الإسلام على تطوير هذه المزايا وصقلها، وأفاد منها ونجح في مسعاه أعظم النجاح.

shape3

وكان أيضا في العرب أيام الجاهلية صفات سيئة تفرق كلمتهم، وتفقدهم النظام والضبط بينهم، أولها العقائد الفاسدة التي كانت سائدة بينهم من عبادة الأوثان والأصنام، وسيطرة روح القبيلة عليهم والفرقة غياب الهدف فعمل الإسلام على محاربتها والقضاء عليها، ووحدهم تحت هدف واحد.

وصدق الله العظيم:" واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم، فأصبحتم بنعمته إخوانا، وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذتكم منها ".

وكان العرب قبل الإسلام، ماهرين في حروب العصابات، وفي استعمال السلاح، وفي الفروسية وكانت لهم قدرة كبيرة على الحركة من مكان الى آخر بسهولة ويسر، وبأقل وقت ممكن، وأقل تكاليف إدارية، ولكنهم كانوا متفرقين، بأسهم بينهم شديد:

وأحيانا على بكر أخينا 

         إذا ما لم نجد الا أخانا

لهذا كانت خبرتهم الحربية وشجاعتهم الفطرية تذهب عبثا في المناوشات المحلية بين القبائل.

وكانت خبرتهم الحربية جهدا مهدرا، يضر ولا ينفع ويهدم ولا يبني.

فلما جاء الإسلام، وحد عقائدهم، ووحد اعمالهم، ووحد صفوفهم، ونظمهم، وغرس فيهم روح الضبط والطاعة، وطهر نفوسهم، ونقى أرواحهم، وخلق فيهم انسجاما ماديا ومعنويا، فأصبحت قوتهم المبعثرة، وجهودهم المهدرة تعمل بنظام وضبط، بقيادة واحدة، لهدف واحد، وأصبح المؤمنون في مشارق الأرض ومغاربها أخوة متحابون فينا بينهم، وجعلهم الإسلام أمة واحدة، تحتها السلام ودينها الإسلام.

لقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم، يؤم مائة ألف في حجة الوداع، يسيرون كلهم في أدق نظام: هرولة، ومشيا واستلاما للركن والحجر الأسود – هذا النظام المتصل بروح الاسلام، سبب من أسباب القوة، بل هو مصدرها، وملاكها، وهذه الإمامة يقوم بها رجل مطهر يؤمن أصحابه بصدقه، هي روح هذه القوة وقوامها.

وفرضت الصلاة على المسلمين، ثم قامت صلاة الجماعة التي أداها المسلمون وراء أمام واحد ومن يرى المسلمين وهم مجتمعون صفوفا للصلاة، يؤدون ركعاتها وسجداتها في تناسق مدهش وفي نظام ووقار، لا يمكن أن يغفل ما لهذه الصلاة المنظمة من قيمة تربوية في نفوس المسلمين.

إن العرب أباة لا يخضعون لغيرهم، ولكنهم كانوا يفتقرون الى الشعور التام بالطاعة والنظام، فكانت لهذه الصلاة أهمية بالغة في (إيقاظ) روح النظام في نفوس العرب المسلمين، لذلك غذا مكان الصلاة أول ميدان حقيقي للتدريب على النظام عند المسلمين.

ثم إن انتظام المسلمين في الصلاة، شجع روح الوحدة بينهم وخلق بينهم شعورا بالمساواة التي كانت أفكارا جديدة على بلاد العرب، إذ كانت الوحدة الموجودة حتى ذلك الوقت هي رابطة الدم، فأصبحت الوحدة السائدة هي وحدة العقيدة.

لقد وجد الإسلام بتعاليمه التي تغرس الضبط والنظام في النفوس، وتدعو الى توحيد الله وتوحيد الصفوف، أرضا خصبة في العرب الذين كانت لهم خبرة طويلة في الحروب، والذين لا يهابون الموت ويعشقون الحرية، فكان من فضل الإسلام عليهم، أنه جمع شملهم ووحد قلوبهم، وأشاع فيهم النظام والضبط، وبذلك أصبحوا قوة هائلة وجدت لها (متنفسا) في توحيد شبه الجزيرة العربية أولا، وفي الفتح الاسلامي ثانيا.

والمعروف أن الجندي لا يمكن أن يقاتل في الحروب قتالا مستميتا ويضحي بروحه مقبلا غير مدبر، إلا إذا كان يؤمن بعقيدة تدفعه الى التضحية والفداء وتجعله صابرا في البأساء والضراء وحين البأس.

والجندي الذي يقاتل بغير عقيدة، لا يمكن أن يصمد في الميدان أبدا.

وما يقال عن الجندي، يقال عن الجيش، ويقال عن الشعب أيضا، فليس الجيش الا مجموعة من الجنود، وليس الجيش الا جزءا من الشعب..

كيف غيرت تعاليم الإسلام حال العرب؟

هذا ما سنجيب عليه في المقال القادم بإذن.

في أمان الله

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد