التحشيد الحوثي باتجاه مأرب يذكر بالتحشيد الذي كان يحدث باتجاه صنعاء في 2014.. كان يفترض مهاجمة الحوثي حينها في معقله في صعدة، لكنه تُرك يحشد في اتجاه صنعاء ويسقط المناطق، واحدة إثر أخرى، ابتداء بدماج ومروراً بعمران ومحيط صنعاء، وانتهاء باقتحام العاصمة.. كان من يهمهم الأمر، من خصوم الحوثي اليمنيين الكثر، مستغرقين في سوء التقدير والتآمر ضد بعضهم، وفِي الجدال البيزنطي العقيم، كما يحدث الآن مع بعض الفوارق..
أما من يفترض أنه يهمهم الأمر خارج اليمن، وخاصة جيراننا في السعودية، فقد بدا وكأنه لا يعنيهم سقوط العاصمة صنعاء حينها، لكنهم بعد ستة أشهر أتوا بالتحالف العربي.. كانت حماية صنعاء من اجتياح الحوثي أقل تكلفة مما تكلفته اليمن والتحالف العربي بعد ذلك.
الأشقاء السعوديون لا يرحبون بسقوط مأرب بيد الحوثي، لكنهم غير معنيين أكثر من اليمنيين بالدفاع عن مأرب واسترداد صنعاء، وغير صنعاء، وخسارتهم كيفما كانت، فإنها كانت وما تزال ليست بحجم ومستوى خسارة اليمنيين في الأمس واليوم، وقد تكون لهم ظروفهم التي تجعل تقديرهم وتعاطيهم مع الخطر الحوثي بالكيفية التي هي عليها، سابقا والآن..
ولعلي ممن لام التحالف العربي، ضمنا وصراحة، ربما من باب ما أشعر أنها أهداف مشتركة وخطر مشترك يشكله الحوثي وتحالفه الإقليمي على اليمن وجواره. وقد تركز جل اللوم، على ما جرى في عدن وسقطرى، على وجه الخصوص..
وكما أن مصالحنا ليست دائما متطابقة، فليس بالضرورة أن يكون فهمنا وتقديراتنا متطابقة أو حتى متقاربة مع جيراننا وحلفائنا، للمخاطر التي يشكلها الحوثي وتحالفاته الإقليمية..
ومن أجل حماية مأرب، وصمودها، يجب حشد كافة الإمكانات الذاتية للدفاع والصمود، وستصمد مأرب وتنتصر، وفِي نفس الوقت، اعتماد استراتيجية الهجوم لتحرير صنعاء بقوة عسكرية محترفة كافية وضاربة وقد يستغرق الإعداد لذلك وقتاً، لا يقل عن سنة.. ويبقى سؤال التاريخ: لمِ لم يتم ذلك من أول يوم؟ وإذا كان ذلك لم يتم في السنوات الماضية لأي سبب، فيجب أن يتم منذ الآن.. وتظل استراتيجية الهجوم خير وسيلة للدفاع، فيما نحن بصدده صحيحة وملائمة. وفِي الوقت الذي قد لا يساعدنا جيراننا في التحالف العربي بالقدر والكيفية التي نرى أنها مناسبة، فإنهم لن يعيقوا جهودا وإرادة يمنية من هذا القبيل.. وتبقى قضية تحرير اليمن مسؤولية يمنية صرفه وحصرية.. والحوثي بما هو عليه من كهنوت وخرافات وطائفية وعنصرية، فإنه ليس مستقبل اليمن ولا يجب أن يكون. وقد تقهقر عسكريا في جبهات عدة، بيحان والساحل الغربي أمثلة. أما الصمود، فتعز أبرز مثال للصمود في وجه الحوثي، رغم الخذلان. ولعل ما يتوفر لمأرب أفضل بكثير مما هو متاح لتعز.