فليجدوا لحديث ولايتهم الأسانيد الصحيحة، وليفسروا الأمر الماضي كما يحلوا لهم، لدينا ثورة السادس والعشرين من سبتمبر، إنها وصية الانسان للإنسان، اليمنيون الاحرار وقد رفعوا يد اليمني وليّاً على نفسه.
سنهز رؤوسنا باهتمام أثناء قراءة حديث غدير خم، بذات الطريقة التي يقرأ بها البشر بعض تفاصيل تاريخهم دون أن يكون علينا بعد ألف وأربعمئة عام إثبات شيء أو نفيه، ذلك لا يرتب لواقعنا الآن، وليس لدينا الوقت حتى هذه الأيام ونحن بصدد وصيتنا الثورية سبتمبر وهي تمنحنا التفسير العملي القاطع والوجهة التي علينا دفع حياتنا صوبها.
الخلاف الآن بين أبناء الحادي والعشرين من سبتمبر ليلة سقوط العاصمة والدولة وانكشاف اليمن، وبين أبناء السادس والعشرين سبتمبر، ليلة ميلاد اليمن الحر والدولة اليمنية الحديثة، وليس بين أبناء الصحابة.
لقد استدعوا كل شهود التاريخ لإثبات حق رجل في خلافة نبي، الأمر الذي لا ننكره ولا يعني هذا أن لهم حقاً علينا، ما بالك ان يكون هذا الحق قد أخذ شكل الاستحواذ على حياة شعب.
نحن أبناء هذا الوطن الذي أطلقت عليه الريح والأمطار اسم اليمن قبل عشرة آلاف سنة، ولقد كان دولة أثناء ما كانت روما وحدها دولة. ذلك إرثنا ولم يكن هذا اليمن قد تورط بشكل أو بآخر في صراع على وصية لا تعنيه ولم تلزمه قبل ألف وأربعمئة سنة، فكيف يهتم لها الآن أو يدفع ثمن صراع مجموعة تاريخية في سياق تاريخ أمة تمتد من أواسط آسيا إلى غرب إفريقيا وليس في سياق اليمن التاريخي ليقوم الآن بتقديم نفسه قربانا لما يظنونه "انحرافا أثناء نقل سلطة النبي"!
عوضاً عن أنه وبكل بساطة: ليس لدينا فتوى أو موقف يقضي بحرمان علي، وقد نكنُّ مشاعر تضامن تاريخية في أحسن الأحوال، لكن الآن ليس لدينا ما يمكن التخلي عنه، ولن نقايض سبتمبر وتاريخ بلد بمعضلة بين الصحابة الذين نحبهم جميعا ونتفهم جانبهم الإنساني لكننا لسنا أبناءهم، وليس علينا البحث عن أي فتوى أو تفسير أو حديث غير سبتمبر، ذلك أنه اليوم الذي انتقل فيه الحكم من يد سلطة كهنوتية إلى يد شعب لا يمكنه مد قدميه للقيد مرة ثانية.
بدلاً من خوض جدل وصخب فقهي يا أبناء 26 سبتمبر، اكتبوا ليوم السادس والعشرين، يوم ولايتكم على أنفسكم بالحق الإنساني والوطني. ارفعوا الشعار السبتمبري واستخرجوا كلمات زعماء سبتمبر ووصايا الرجال الأحرار. أشعلوا ومضات الاحتفال بواقعكم الوطني الملهم بدلاً من النفخ في رماد التاريخ.
سبتمبر: حديث اليمني لليمني، هجس الإنسان لحريته الداخلية.
سبتمبر: الحق الإنساني الذي لا يحتاج لأسانيد.
سبتمبر: روايتنا الأبدية. والباقي مجرد مرويات.