عندما نقول لا تخلطوا الدين بالسياسة لا نعني فصل الدين عن الدولة، كما يزعمون.. فالإسلام منظومة متكاملة وقصدنا بذلك أن لا يتقلد رجال الدين أي مناصب سياسية, ويظل رجل الدين مستقلاً لا ينتمي لأي حزب أو تيار أو جهة, وأن يقتصر دوره على النصح والتوجيه والإرشاد
وكان المسلمون الأوائل يهربون من المناصب ويقبلون بالضرب والسجن على توليها, وحذروا من مخالطة الحكام والأمراء وأخذ أموالهم رواتب أو جوائز..
وعلل الأمام سفيان الثوري امتناعه عن أخذ نصيبه من غنائم الحرب التي يقسمها السلطان بقوله:
أعلم أنه لي حلال, ولكن أكره أن يقع لهم "الأمراء " في قلبي مودة"..
وقال الفضيل بن عياض إذا رأيت العالم يتردد على أبواب السلاطين فاعلم أنه لص
وقبل هذا وذاك قال النبي صلى الله عليه وسلم : "سيكون بعدي أمراء فمن دخل عليهم فصدقهم بكذبهم وأعانهم على ظلمهم فليس مني ولست منه وليس بوارد عليَّ الحوض"..
وما أكثر أمراء السوء وما أكثر علماء السوء الذين يدورون مع الحكام حيث داروا
يقول الدكتور مصطفى محمود رحمه الله: العمل الإسلامي كان يفشل دائماً بسبب تطلع أصحابه إلى السلطة، وتصور كل منهم إنه هو وحده الإسلام، وأن الإسلام الحق لن يعود إلا إذا قفز هو وزمرته على السلطة واغتصب الحكم ونسي الجميع أن العمل الإسلامي هو عمل متجرد لله بطبعه, وأنه لا يبتغي إلا وجه الله وأنه توعية ونصح وهداية وإرشاد وأنه علم وعمل ومكارم أخلاق في المقام الأول ..