لو تفكر المرء ملياً وتأمل كثيراً لو جد أنه مخلوق ضعيف لا يملك من أمره شيئاً، ولسمع كل ما حوله يخاطبه قائلاً: "علي ايش تتكبر" على ايش تتكبر؟ وما أنت إلا نطفة مذرة وستصبح جيفة قذرة وأنت بين هذا وهذا تحمل في جوفك العذرة.. العين فيها القذى.. والفم يملؤه اللعاب.. و الأذن يخرج منها الصمغ.. و الأنف ينزل منه المخاط. والجسد يفرز عرقاً ذا رائحة كريهة ولو لم تغسلها لم يطق أحب الناس الجلوس جوارك.. أنت لو لم تغتسل تعفن جسدك، وإذا لم تأكل جاف فمك.. وإذا لم تمتشط شعث شعرك.. ثم ماذا لو رأيت هذا الجمال بعد مرور ثلاث ليالٍ في القبر؟ حشرة كالذبابة أو البعوضة قادرة على أن تفتك بك.. فالنمرود- الذي طغى وتكبّر وقال أنا أحيي وأميت- قتلته بعوضة دخلت من أذنه فقضت عليه.. بل إن الجراثيم والفيروسات التي لا تكاد تُرى بالعين المجردة تؤذيك وتقضي عليك. وإذا قدر الله لك العافية فترة شبابك، حتماً ستدق الشيخوخة بابك فترتخي العضلات، ويوهن العظم ويخف السمع والبصر وتذهب قوتك ولا رجوع.. وإذا نجوت من كل ذلك حتماً سيداهمك الموت يوماً، فتصبح جسداً لا قوة له، تحركه الأيادي، وتقلبه وهو لا يملك من أمره شيئاً.. أخي المتكبر، تذكر من تواضع لله رفعه والمتكبرون يحشرون أمثال الذر يوم القيامة يطأهم الناس بأقدامهم والجزاء من جنس العمل.
أحلام القبيلي
المتكبرون 1 1181