في شهر يوليو من العام 2015م وشباب مقاومة عدن على وشك الإعلان عن استكمالهم لتحرير محافظتهم، التي لم يكن بينهم وبين إعلان تحريرها إلا تحرير آخر مديرية من مديرياتها- في هذه الأثناء دخلت الإمارات على خط التحرير لعدن، حيث قامت بإنزال عرباتها وقواتها في ميناء الزيت قبيل إعلان التحرير والنصر بساعات، لتصادر النصر الذي أحرزته مقاومة عدن بعتادها البسيط لصالحها حتى تفرض لجيشها هيبة داخلية وخارجية تسهم بمنع أي تمرد داخلي على سلطاتها الحاكمة التي تعيش حالة من التوجس والقلق، ناشئة عن التركيبة السكانية الغير متجانسة للبلد الذي تعددت عرقيات سكانه، وأديانهم، ومذاهبهم، ولغاتهم، فكان من الطبيعي على هذه السلطات أن تعتبر حكمها لشعب لا يجمعه إلا الوطن كقاسم مشترك وحيد آيل للسقوط لامحالة طال الزمان أو قصر. فبلد يشكل الهنود والإيرانيون أغلب تركيبته السكانية، بلا شك أن أولئك السكان لن يقبلوا بأن يبقوا عاملين كادحين لصالح أسرة استأثرت بكل مقدرات وطنهم ولم تسمح بإشراكهم في إدارة شؤون بلدهم السياسية، والاقتصادية، والعسكرية ما داموا يتكئون على الثقل الدولي لحكومات بلدانهم الأولى، وإن حاولت سلطات الإمارات الحاكمة أن ترعبهم بتنكيلها الذي مارسته وتمارسه بوحشية بحق سكان البلد الأصليين الذين بلغت وحشية ممارساتها في حقهم حد تجريد بعضهم من جنسيتهم الإمارتية الأصيلة حين طالبوا يوماً ما بالتحول للملكية الدستورية. لهذا ومع هذا التوجس دخلت الإمارات بجيشها لتختطف نصر عدن والجنوب لتصنع به لجيشها هيبة داخلياً وخارجياً، ظانة أنها بهذه الطريقة ستحصن سلطاتها من أي ثورة أو انتفاضة داخلية عليها، الى ذلك وجدت الإمارات، بمشاركتها في حرب اليمن بقوات عسكرية فرصتها التي لا تعوض لتصفية ضباط جيشها الذين انتقتهم بعناية لهذه المهمة ممن رأت أنهم يشكلون خطراً وجوديا عليها، فصفّتهم بصافر وادعت أن الحوثيين هم من استهدفهم بصاروخ باليستي، وصفّتهم كذلك بالساحل الغربي، وعدن. ولأنها دخلت حرب اليمن بهذه الرؤى، فإنه كان ولابد عليها أن تتخلص من المقاومين الحقيقين حتى لا يكشفوا يوما ما انتصارات جيشها الوهمية، وتعمل على إبراز من يبحثون عن تسجيل أمجاد لهم، ولو بنسب أمجاد غيرهم لهم ليكونوا شهودهم على أمجادهم الورقية، فوقع اختيارهم على الذين كانوا يترقبون خلف المقاومين الحقيقين لمن ستكون الغلبة من أولئكم الذين طفوا على سطح الأحداث اليوم، فباتوا يعرفون بالمجلس الانتقالي والأحزمة الأمنية اللذين كانا عند احتدام معارك تحرير عدن والجنوب ينأون بأنفسهم عنها كون الصراع مع الحوثي لا يعنيهم. ولما وجد الإماراتيون في هؤلاء بغيتهم افتتحت شهيتهم أكثر تحت تأثير ما بات هؤلاء ينسبونه للإمارات من انتصارات إعلامية هنا وهناك، فتحولوا من دويلة دخلت الحرب لتصنع لجيشها هيبة إلى دويلة توسعية تبحث عن إشباع مطامعها التوسعية دون وعي منها بحقائق التأريخ والجغرافيا اللذين طرأت عليهما. ولأن متجاهل التأريخ تسقطه ولابد حوادثه التي تعاد لتوقظ الغافل، وتعلم الجاهل، وتسقط المتجاهل، كان ولابد على اليمن بجيشها، وشرعيتها، وشعبها، وتأريخها، وجغرافيتها أن تسقط بحكمة حكمائها، وشدة بأس جيشها، وإلتحام شعبها أقنعة، وخطط، ومكائد، ودسائس من طرأوا على التأريخ والجغرافيا على حين غفلة من العرب فصاروا باستماتة يحاولون توجيه مسار الأحداث علهم بتمكنهم من توجيه مسارها أن يدخلوا التأريخ، دون اعتبار منهم بذاك الذي بال في ماء زمزم ظانا أنه بما صنع سيخلده التأريخ، لكن الذي حصل كان على غير ما أراد فقد خلد التأريخ الحادثة لكنه تجاهل اسم صاحبها ليبقى النكرة نكرة والقزم قزماً.. فهل سيعي حكام الإمارات أن اليمن التي حاولوا أن يسطروا فيها بطولاتهم الهلامية، ستسقطهم وتخرجهم مكشوفي السوءة ساقطة سمعتهم وهيبتهم بصورة تمهد الطريق لشعبهم المظلوم الانتفاضة عليهم فهل سيتعظون وعن غي عنادهم يتراجعون؟.
سالم صالح اليافعي
كيف ولماذا اختطفت الإمارات انتصارات تحرير عدن في 2015م؟ 884