ترى كم من الناس يحجون بأجسادهم دون أرواحهم؟ وكم من الناس ينفق في حجه أموال اكتسبها من الحرام؟ وكم من الناس لا يؤثر فيه حجه، يعود مصراً على الذنوب، عازماً على معاودتها غير نادم؟ وكم من الناس عاد من الحج ليس كيوم ولدته أمه ولكنه عاد كما ذهب؟ ذهب عاقاً لوالديه وعاد أكثر عقوقاً ذهب تاجراً غشاشاً وعاد أكثر فجوراً ذهب غاشاً لرعيته وعاد أكثر إجراماً وظلماً ذهب آكلاً ميراث أخواته وعاد أكثر إصراراً وتعنتاً ذهب جاراً مؤذياً وعاد يحمل آذاه معه ذهب إعلامياً منافقاً مغتاباً نماماً وعاد كما ذهب ولأن هذا الصنف من الناس موجود بكثرة، قالت الأمثال "ويلك من الميت لا فزع ومن الحاج إذا رجع"، ولكل هؤلاء نقول الحج باب البيت. قال ابن مسعود: في آخر الزمان يكثر الحاج بلا سبب، فيهون عليهم السفر بلا سبب، ويبسط لهم في الرزق، ويرجعون محرومين مسلوبين يهوى بأحدهم بعيره بين الرمال والقفار وجاره مأسور إلى جنبيه لا يواسيه ." وقال أبو نصر التمار: إن رجلاً جاء يودع بشر بن الحارث وقال: قد عزمت على الحج، فتأمرني بشيء؟ قال له: كم أعددت للنفقة؟ قال : ألفي درهم، قال بشر : أي شيء تريد تزهداً أو اشتياقاً إلى البيت أو ابتغاء مرضاة الله؟ قال مرضاة الله . قال فإن أصبت مرضاة الله يقيناً وأنت في بيتك.. أتفعل ذلك؟! قال: نعم، قال اذهب فأعطها عشرة أنفس :"مديون يقضى دينه، وفقير يرم شعثه، ومعيل يغني عياله، ومربي يتيم يفرحه، وإن قوى قلبك تعطها واحداً، فافعل، فإن إدخالك السرور على قلب مسلم وإغاثة اللهفان وكشف الضر، وإعانة الضعيف أفضل من مائة حجة بعد حجة الإسلام. واعتبر الشيخ قطب أن "مساعدة الفقراء والمساكين والمرضى بمال الله لتيسير شؤون حياتهم أفضل عند الله من زحام الحجيج وأكثر راحة لصدور الأمة وأشد رهبة عند الأعداء". طبعاً هذا الكلام لا نقصد به حجة الإسلام، ولكن المقصود بها نافلة الحج.
أحلام القبيلي
لا لبيك ولا سعديك 1195