تتسارع الأحداث في اليمن بطريقة درامتيكية تشبه أفلام الهوليود. لم يكن مشروع طهران في اليمن وليد اللحظة بل كان مخططًا له منذ نهاية القرن الماضي وتم إعداد المليشيات الحوثية القادمة من كهوف صعدة بطريقة استخباراتية، وعسكرية، وأيديولوجية مُحكمة لتنفيذ المشروع الفارسي في اليمن من أجل تطويق الحرمين الشريفين من جهة الجنوب. المشروع الإيراني يمشي بخطى ثابتة ومدروسة ولا يُستبعد أن يتحقق حلم فارس في شبه الجزيرة العربية ليس لأن طهران قوية ولكن من يواجه طهران هو من يُمكنها إمّا بقصد أو بغير قصد، وقد قال الخامنئي ذات يوم: "الحم دلله الذي جعل أعداءنا من الحمقى". استنجد اليمنيون وحكومتهم بالجار العربي من أجل إنهاء التمرد الحوثي، ولكن يبدو أن تلك النجدة جاءت بنتائج عكسية فبدلاً من هزيمة مليشيات طهران في صنعاء تم تأسيس مليشيات عنصرية أخرى في بعض المحافظات الجنوبية وبدعم مباشر من العضو الثاني في التحالف العربي ( الإمارات) الذي يقول أحد المقربين من صناعة القرار فيه بعد أن تم تدريب عشرات الآلآف من الجنجويد والمليشيات الانفصالية :"إن الحرب في اليمن انتهت إماراتيًا ويبقى أن تتوقف رسميًا." كما يؤكد بعض المحسوبين على الإدارة الإماراتية أنّ من يعيق الانفصال هو الشرعية اليمنية! يعني بكل وضوح أنّ الشرعية التي جاء هؤلاء لنصرتها هي من تعيق المشروع التدميري للإمارات في المحافظات الجنوبية. لقد أصبح حال الحكومة اليمنية كالمستجير من الرمضاء بالنار! لقد اتضحت الحقائق وانكشف المستور ولسنا بحاجة لعدسات مكبرة توضح لنا الصورة حول مستقبل اليمن، فما كان يدور تحت الطاولة يتم اليوم مناقشته بشكل علني. من الواضح بأن هناك مشروعان أحدهما في صنعاء وتمثله مليشيات طائفية مدعومة من كاهن طهران، ومشروع انفصالي في عدن مدعوم من الإمارات ويجري الآن تنفيذ هذين المشروعين بإشراف إماراتي- إيراني. كما أنّ هناك تناغم وانسجام بين طهران وأبوظبي حول مستقبل الجمهورية اليمنية، حيث أكد أحد قادة المليشيات الحوثية المتمردة في صنعاء أنهم "قرروا تجميد الهجمات ضد الإمارات بعد تغيير وصفه بالملموس في موقف أبو ظبي السياسي والعسكري. "والسؤال الذي يطرح نفسه، هل سيتحقق مشروع طهران في صنعاء ومشروع أبوظبي في عدن؟ من خلال الوقائع على الأرض، فمليشيات طهران تغتصب السلطة وتفرض أمر واقع في صنعاء وبعض المحافظات الشمالية الأخرى، كما أنّ مليشيات الإمارات الانفصالية المتمردة عازمة على فرض أمر واقع في المحافظات الجنوبية،. لكن، هل ستنجح هذه المليشيات؟ لا نملك إجابة على هذا السؤال ولكن الإجابة موجودة لدى حكّام الجار الشمالي للجمهورية اليمنية فهم من يقود التحالف العربي، وإذا لم تتحرك الحكومة اليمنية وحليفها الاستراتيجي لوقف العصابات المتمردة عند حدها في بعض المحافظات الجنوبية وسرعة هزيمة مليشيات طهران في صنعاء فسينتقل سيناريو اليمن إلى المملكة العربية السعودية لا محالة، وستكون إيران هي الآمر الناهي في المنطقة ، حينها سيعرف السعوديون أنّ الإمارات لم تكن سِوى أداة من أدوات الاستعمار الفارسي الجديد. د. عادل دشيلة كاتب وباحث سياسي
د. عادل دشيلة
مشروع أبوظبي في عدن وطهران في صنعاء إلى أين؟ 1150