ما يجري في محافظة عدن من تفجير حادثة منصة الجلاء ومركز شرطة الشيخ عثمان وغيرها من عمليات الاغتيال الآثمة المستهينة بالدماء، ثم ما تبعه من انتهاكات قبيحة مخزية لحقوق الإنسان والمتمثلة- مؤخراً- في قيام بعض المنتسبين للأجهزة الأمنية بترحيل النازحين من أبناء المناطق الشمالية من الباعة وأصحاب البسطات والنساء والأطفال بصورة مذلة ومهينة، لم تكن لتصدر لولا أن كرستها سياسات رسخت ثقافات (الحقد والكراهية والعصبيات القبلية والمناطقية والعنف والإقصاء والفوضى وعدم احترام حقوق الإنسان وحريته وكرامته وعدم الاعتبار لمرجعية الشرع وهيبة الدولة والنظام والقانون). لا يَصلُحُ الناسُ فَوضى لا سَراةَ لَهُم وَلا سَراةَ إِذا جُهّالُهُم سادوا. وقد صح عن عثمان: (إن الله يزع بالسلطان مالا يزع بالقرآن) وحقا إن (من أمن العقوبة أساء الأدب). # إنها لثقافات منافية لثوابت الدين الحنيف والعقل السليم والضمير الإنساني والفطرة السليمة والأعراف الكريمة. # كما وأنها دخيلة على أبناء محافظة عدن، هذه المحافظة القائمة على احترام الطبيعة السلمية المدنية والسلم والنسيج الاجتماعي والتعايش و التعدد في الأعراق والألوان والمذاهب والأجناس والألوان بل والأديان. # وإنها لثقافة إذا نشأ عليها الصغير وهرم عليها الكبير توشك أن تنقلب على أصحابها بعد حين (اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ ۚ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إلا بِأَهْلِهِ ۚ فَهَلْ يَنظُرُونَ إلا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ ۚ فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا ۖ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا)، وفي الحكمة:(من سلً سيفَ البغيِ قٌتل به). # كما وأنها لسياسات وثقافات لا تدل على مدى تغلغل الحقد في صدور أصحابها فحسب بل والحماقة والغباء، حيث لا تصب إلا في خدمة أعداء الوطن بشماله وجنوبه أيضا، حيث تسيء إلى حملة أي مبدأ أو قضية، فكيف نتبنى الظلم بأقبح صورة و دعوى المظلومية من الأنظمة من الداخل والخارج، إضافة إلى غياب العدل والحقوق والحريات والتنمية؟ وماذا يقول الشعب والعالم وهو يرى هذه الانتهاكات والتي يجمع المنصفون على شناعتها، حيث وهي ممارسات لم تشهدها البلاد عامة من الأنظمة والشعوب، بل لا يخفى حسن تعامل أبناء المناطق الشمالية في مختلف الظروف مع أبناء المناطق الجنوبية بما لا يحتاج إلى دليل. إن من مقتضى الحياء والمروءة والشهامة شكر المعروف ورد الجميل وقد صح في البخاري (أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ في أُسَارَى بَدْرٍ: لو كانَ المُطْعِمُ بنُ عَدِيٍّ حَيًّا، ثُمَّ كَلَّمَنِي في هَؤُلَاءِ النَّتْنَى لَتَرَكْتُهُمْ له)، أي من غير فداء مع أن المطعم كان من زعماء الجاهلية ومات على الشرك؛ وما ذاك إلا لكونه أجار النبي- صلى الله عليه وسلم- في الجاهلية، وهو من الوفاء وفي صحيح الجامع (إن حسن العهد من الإيمان). إنه لقبيح بل وأعظم خدمة لعدوان الحوثي أن يتبنى العدوان عملية منصة الجلاء وقد عمد من قبل إلى السيطرة على عدن ثم لا تكاد تسمع في الجنوب من يتبنى مشروع مواجهته ثم تظهر المناطق المحررة بصورة غير مستقرة خلافا للمناطق المستعمرة. - إن من أعظم قيم الإسلام الرحمة بالضعفاء (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين)، والأخذ على يد الظالم ونصرة المظلوم، وفي الصحيحين: (المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره).. وفي رواية: (ولا يسلمه ولا يخفره). فعن مصعب بن سعد، قال: رأى سعد -رضي الله عنه- أن له فضلاً على من دونه، فقال النبي- صلى الله عليه وسلم- هل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم" أخرجه البخاري. وقد ذكرت كتب السير عن بعض أهل العلم أنه غادر بغداد، رغم تعلقه بها والناس حوله يبكون فقال: (لا والله لا مقام لي بأرض يظلم فيها فلان الذمي (اليهودي) ثم لا يجد من ينصره).. فكيف باضطهاد حق مسلم بل الآلاف من المسلمين من الضعفاء والنساء والأطفال. ولما اشتكى رجل من زبيد أن العاص بن وائل، منعه أجرته عقد رسول الله مع بعض زعماء قريش المشركين حلفا عرف بـ(حلف الفضول) لنصرة المظلومين كما في البخاري وقال: (لو دعيت إلى مثله في الإسلام لأجبت ما أحب أن لي به حمر النعم). # وأخيراً.. إنها لمسؤولية المجتمع الدولي ودول التحالف وحكومة الشرعية المتمثلة في رئيس الجمهورية ووزارة الداخلية بالقيام بمحاسبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات، كما وهي مسؤولية الأحزاب السياسية ومؤسسات المجتمع المدني وكل الشرفاء الأحرار من أبناء هذه المحافظة الأبية عن السكوت عن الظلم (وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إلى ٱلْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمُنكَرِ ۚ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ). اللهم عونك ورحمتك بالمستضعفين.. نبرأ إليك من صنيع السفهاء البغاة المعتدين وحسبنا أنت ربنا ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة إلا بك يا علي يا عظيم. عمار بن ناشر العريقي رئيس رابطة علماء ودعاة عدن ٢ذو الحجة١٤٤٠ الشيخ عمار بن ناشر
الشيخ/ عمار بن ناشر
الانتهاكات الجارية في محافظة عدن سياسات وثقافات.. لمصلحة من؟!! 819