دعا كل فرعون سحرته وأوقد كل نمرود أخدوده وأضرمت مليشيات الحوثي نار الدمار لتجهز على الحلم والحياة معاً في مدينة باعثة للسلام عدن، فأخذت تقصف المدينة بكل ما أوتيت من حقد وانتقام، رفضت عدن أن تموت كما يموت الجبناء، ولم تستطع شعارات السلام الكاذبة الخاطئة التي جاءت بها تلك الجماعة من شمال الشمال أن تسقطها غير آبهة بالقادمين على ظهر دبابة ومجنزرة محشوة بالموت والحقد والقتل وقالت ننتصر أو نموت ونحن ولكن واقفين...! حمل الأبطال قلوبهم على أكفهم ومضوا إلى الحرب، وما معهم سوى الحب والكرامة لمدينتهم لو علم طامحو المناصب بهذا الحب لقاتلوهم عليه.. استمر النزال طويلا بين الورد والبارود، وانتصر الحب والكرامة على الكلاشينكوف..! فيا ترى من أين كانت البداية وهل لهذه الحال نهاية جرحي الحرب في اليمن رحلة ألم متواصلة جراحهم واحدة تشابهت التفاصيل واختلفت النهايات...! أحمد ابن العشرين ربيعا وبعد إصابته بلغم أرضي زرعته المليشيات وجد نفسه وحيداً وقد انحسر حلمه إلى مساحة ضيقة لا تتخطي أربعة جدران يواجه قدره المملوء بالشظايا، وقف وهو يكفكف دموعة ليبحث عن بصيص أمل يوصله إلى الطريق المؤدي إلى قبلة الشفاء لعل وعسى تطل عبره فرحة تمنحه تذكرة سفر تشد عضده إلى طبيب يعيد إليه صحته.. عامان مرت وهو ينتظر أن تحل عليه رحمة طامحي المناصب الذين سكنوا مدينته.. أحمد واحد من بين مئات الأمثلة الحية والقصص الواقعية لمقاتلي ومقاومة اليمن، الذين عاندوا المعاناة وتحدوا الجراح واستمدوا من ألم جراحهم الأمل المشرع صوب المستقبل فلا إعاقة صمدت في وجه مشروعهم وهدفهم في التحرير والخلاص من طاعون العصر المتمثل بمليشيات الحوثي، فأكملوا مسيرة التضحية حتى الرمق الأخير.. إنهم باختصار جرحي الحرب في اليمن حكاية التشبث بالتراب والحنين إلى العلاج.. فجأة تركهم الوطن بمفردهم يواجهون مصيرهم وهم يبحثون عن خارطة لما تبقى من أجسادهم في مكان ما من وطنهم، تنكرت لهم المدينة التي ضحوا من أجلها، فلم يعودوا مألوفين وباتوا غرباء في مواجهة هذه المدينة بشوارعها وجوها، وأبنيتها المتطاولة ومنذ ذلك الوقت، لم يصلون إلى أي كان فسلموا أنفسهم للكآبة ...! ومن هنا ندعو الحكومة الشرعية والتحالف العربي إلى تحمل مسؤولياتهم الانسانية والالتفات الى معاناة جرحي الحرب في اليمن فحالتهم النفسية في تدهور مستمر نتيجة فقدان الكثير منهم أعضائهم وأجزاء من جسدهم بسبب إصابتهم وهم بحاجة الى علاج....!
جلال الصمدي
جرحى الحرب في اليمن.. حكاية التشبث بالتراب والحنين إلى العلاج..! 815