“أعاني من مرض القلب والسكر والضغط والغدد، وبناتي يعانين من تكسرات في الدم، ولا يوجد لدينا أي مصدر دخل، ومن أجل توفير قيمة العلاج نبيع المواد الغذائية التي نحصل عليها من بعض المنظمات” بهذه الكلمات وبوجه تغزوه علامات المرض والتعب والإرهاق تبدأ مريم إبراهيم حديثها. برفقة بناتها الثلاث، نزحت مريم من محافظة الحديدة الساحلية إلى محافظة لحج جنوب اليمن، واتخذت من مخيم الرباط ملجأً لها ولبناتها. رغم حرارة الشمس والرياح المتوسطة التي تحمل الأتربة الخفيفة إلا أن مريم تقف كل يوم أمام خيمتها لتحدث أي زائر جديد عن حالتها وحالة بناتها، عله يقدم لها أي مساعدة تبقيها وبناتها على قيد الحياة. جلست بجوار بناتها في زاوية من زوايا الخيمة تحدثنا عن حالتها قائلة: “أعاني من مرض القلب وبناتي يعانين من تكسرات الدم، ولا يوجد لدينا أي مصدر دخل. كل شهر توزع لنا المساعدات الغذائية الإنسانية ونقوم ببيعها ونشتري بعض الأدوية”. أخرجت كل العقاقير الطبية التي تستخدمها هي وبناتها، وجلست القرفصاء تشرح وظائف هذه الأدوية، وكيف تستخدمها بالقول: “غالبية هذه الأدوية مسكنات للألم صرفتها لنا العيادة التابعة للمخيم، ونستخدمها وقت الألم، ولكن مفعولها لا يستمر لوقت طويل”. تقلب أدوية السكر والضغط وتتحدث عن دور العيادة قائلة “العيادة شغالة ولكن لا يوجد بها أدوية متخصصة كأدوية الضغط والسكر والقلب وتكسرات الدم، فأضطر إلى الخروج إلى السوق لأشتري الأدوية وإذا ما حالفنا الحظ أجلس مريضة لثلاثة أو أربعة أيام، وبعد ذلك الله الميسر”. لم تستخدم كل الأدوية التي وصفها لها الأطباء، بدافع أسعارها الغالية وحول ذلك تقول: “هناك دواء خاص بتجلط الدم في الشرايين لم أستطع شراؤه، لأن سعر الشريط الواحد الذي يستخدم لعشرة أيام 13 ألف ريال يمني، وحتى لا أتعرض للتجلط أحاول أن أهدئ أعصابي وأتناول حبه مهدئ بعد الغداء وأحيانا حبتين”. تكسرات الدم إحدى بنات مريم، واسمها فردوس ذات الـ 28 عاما، تقول بنبرة صوت حزينة “عندما يأتيني المرض، وليس لدي دواء، لا أستطيع أن أتحرك، ولا يوجد لدي أحد يستطيع أن يحملني لا أم ولا أب”. التفتت إلى والدتها وأكدت “لا يوجد لدينا أي مصدر دخل والمواد التي تصلنا لا تكفينا، نذهب إلى العيادة ويصرفون لنا مسكنات للألم فقط”. وتشير بيدها اليمنى التي عليها كانيولا، إلى العيادة التابعة للمخيم قائلة “هذه العيادة عندما أذهب إليها يحولوني إلى مستشفى آخر وأذهب إليه ويقولون لي عندكم عيادة في المخيم فلماذا لا يصرفون لكم علاج”. ووجهت مريم وبناتها رسالة إلى وزارة الصحة والمنظمات الإنسانية مطالبة فيها بتوفير أدوية لها ولبناتها ولكل النازحين الذين شردتهم الحرب. 200 مريض أسبوعيا وفقا لكشف اطلعنا عليه تعالج العيادة أكثر من ٢٠٠ شخص مصابين بأمراض مختلفة في أقل من أسبوع، وهناك إحصائيات لبعض الحالات التي ترتفع من وقت إلى آخر وهي كالتالي ٣٠ حالة مصابة بالاسهالات، ٣٩ حالة مصابة بالتهاب الجهاز التنفسي، ٢٣ حالة مصابة بالتهابات المسالك البولية، ناهيك عن ٢٥حالة مصابة بأمراض النساء والتوليد. 2500 نازح ومخيم بلا مختبر قالت الدكتورة/ شذى عمر- ممثلة منظمة رعاية الأطفال في مخيم الرباط- أن “العيادة تقوم بالخدمات الإسعافية، وباستقبال المرضى وبصرف بعض الأدوية”. وأكدت أن هناك صعوبات تعيق عمل العيادة ومن ضمنها انقطاع الكهرباء وضعف المستوى الثقافي للنازحين وأيضاً طريقة التعامل مع النازحين. وتابعت “لا يوجد لدينا مختبر في المخيم، وهناك نقص في الأدوية، ولا توجد إمكانية لعمل الفحوصات للنازحين في المختبرات الأخرى”. وحول الأمراض الأكثر انتشاراً في المخيم، قالت “تنتشر الإسهالات وسوء التغذية وسوء الهضم وسبب انتشارها عدم وجود النظافة الشخصية، وعدم نظافة الأماكن ناهيك عن الازدحام والقمامة”. وأكدت أن بعض الأدوية المتخصصة غير متوفرة ولكن الأدوية العامة متوفرة ونصرفها للنازحين عند الحاجة. وتابعت “نحن لدينا صلاحية بتحويل الأمراض الطارئة مثل حالة نزيف النساء الحوامل أو أي حالة طارئة أخرى إلى أماكن أخرى “. وردا على سؤالنا عن ذوي الأمراض المزمنة قالت “بالنسبة للأمراض المزمنة نقوم بإعطائهم ورقة تعريفية و من خلاله يتجهون إلى أقرب مستشفى حكومي وهم بدورهم يتعاونوا معهم”. نازحون وأمراض مزمنة من جانبها تقول الدكتورة/ إشراق السباعي- وكيلة وزارة الصحة- أن “الكثير من النازحين يعانون من أمراض مزمنة كمرض القلب والضغط والسكر، وأمراض أخرى كالإسهالات وسوء التغذية، ونحن حاليًا نقوم برصد الحالات التي تعاني من الأمراض”، مضيفة بأن “الوزارة تعمل في الوقت الراهن على عقد اجتماعات مع بعض المنظمات المهتمة بالصحة من أجل تخفيف معاناة النازحين”. وأكدت أن بعض المنظمات قدمت للوزارة، وعود بالتدخل لإنقاذ النازحين، وبتوفير الأدوية التي يحتاجونها.
هارون محمد
نازحون يبيعون مواد الإغاثة لتعويض نقص العلاج في المخيمات 766