المأساة التي شملت القيادات المختلفة في حجور، تؤكد أن الحل اليمني لن يكون إلا بلم الشمل، والتكاتف الصادق لمواجهة المليشيا. قيادي سلفي، قيادي إصلاحي، قيادي ناصري، قيادي مؤتمري.. هكذا توالت الأنباء عن استشهاد شخصيات قيادية في حجور، لقد وقفوا وتعاهدوا على المواجهة حتى الرمق الأخير. في المعركة تضيع الأيديولوجيا، بل إن توماس بين، كان يتنقل بين جبهة وأخرى يعلم المقاتلين أن ما يحتاجونه هو الإيمان بالله والبلد في رحلة التأسيس لأمريكا الجديدة. وبكل تأكيد، شدد على حاجة المقاتلين إلى نظام.. نظام عسكري والالتزام به لتنظيم المعركة. في حجور كان الإيمان، وكانت البلد.. لكن النظام العسكري لم يأت، فضلًا عن عشوائية المؤسسة العسكرية ككل. كانت المأساة وكان القهر، وما يزال.. الأمر الممض على هامش المأساة، أن ينصرف كل طرف للاعتزاز بقائده الشهيد لدفع تهمة الخيانة، أو لتخوين أي طرف، والتركيز على الصفة السياسية التي تلتحق بالقادة الشهداء، ثم ننسى حجور والحجوريون. ننصرف للنكاية والمناكفة، ننتبه للقادة، ننسى الأبطال الأسطوريين، ونتجاهل جرائم العدو، نتيح له فرصة التمدد، نغض الطرف عن جرائم تفجير المنازل وتدميرها، عن الانتهاكات، عن التصفيات اللاحقة بذيل المعركة. فعلت حجور ما عليها وزيادة.. والظاهر أن الحوثيين كانوا في حالة "قِمْر" ليس مع الشرعية الهشة والتحالف المرتجل، وإنما لإظهار أنفسهم أنهم مازالوا أقوياء، ليؤكدوا ثقلهم للمجتمع الدولي وللممولين، خاصة مع هزائمهم المتلاحقة وتقويض مناطق السيطرة تدريجيًا وببطء، ودخول منطقة الحديدة في مربع التفاوض على التسليم لتبيان هشاشة المليشيا، وتحقيق الشرعية نصرًا أمام المجتمع الدولي، وإن كان نصرًا لم يأت من الذكاء الدبلوماسي للشرعية، بل إنه لا يمكن لباحث عسكري أن يعتبر هذا النصر البطيء وغير المكتمل قد أتى نتيجة خطة بُنيت على الغباء الأرعن للميلشيا، إنه نصر "نزل من السماء"، وإن لم يستغل سيذهب كما حال قصة الغريق. الغريق وكما تقول الرواية باختصار، أنه كان يتخبط بالبحر، ويدعو الله، فمرت سفينة وحاولوا مساعدته لكنه رفض متذرعًا أنه قد دعا، مر أحد الزوارق وحاولوا مساعدته لكنه رفض أن يمد يده لهم، وهكذا كان ينتظر النجاة دون مساعدة الآخرين، ربما أراد أن يحمله دولفين إلى الشاطئ، في اللحظات الأخيرة وعندما باغته عزرائيل، سأل الغريق: لمَ لمْ يساعدني الله وقد دعوته؟ فرد الملك: قد أرسل الله من يساعدك وأنت ولا، موعاتشتي؟. بكل تأكيد الحادثة لم تحدث هكذا فضلًا عن تحدث عزرائيل باللهجة التعزية، وإنما صيغت للعظة، وإلا فمن الذي روى الحادثة؟ لقد قرأت مثلها قبل سنوات، في صفحة نبيل الصوفي عندما كنا أصحابًا قبل انصرافه لتأييد الحوثيين. كان الحوثيون يبحثون عن أي نصر، أي نصر؟ ولم يكونوا ليحصلوا عليه لولم يكن سوء التقدير وسوء إدارة الشرعية للجانب العسكري. ما يؤكد على ذلك، هو التكالب الشرس للمليشيا والتركيز على حجور، بدءًا من توجيه عبدالملك الحوثي لسرعة إنهاء المعركة خلال 48 ساعة، وعندما انتهت المهلة، تغير قادة المليشيا، ونزل علي أبو الحاكم ليديرها عن قرب، وتحويل القوة الطائشة وجمعها لأجل هذه المعركة ليتم ضرب حجور حتى بالصواريخ الباليستية، واللقطة الأخيرة تمثلت بزيارة عبدالملك الحوثي للجرحى، ليقول وإنه رغم خسارتهم الكبيرة إلا أنه مازال يتحرك.. عن المصدر أونلاين
سلمان الحميدي
على هامش حجور 824