الجهل العلمي الأدباء والمثقفون هم عماد الأمم، بهم تنتظم الحياة وتستقيم الأمور ويصلح الله بهم السلطان ويعمر البلدان، هم أداة التأثير والإصلاح والتغيير. ويذكر لنا التاريخ عدداً من المفكرين والأدباء الذين قامت على أفكارهم الحضارات وغيّرت وجه الحياة وعاشت أفكارهم قروناً عدة، لكن العجيب والغريب أن المفكرين في بلاد العرب، رغم أعدادهم الهائلة التي تفوق عدد الهزائم العربية، إلا أنهم لم يقيموا أي حضارات، بل لم يحافظوا على حضاراتنا القديمة، ولم يغيروا نظام حكم أو حكومات.. ولم يرفعوا عن كاهل الشعوب أي ظلم أو ويلات وما جاء لنا منهم سوى الخزي والعار وكثرة القيل والقال.. ولكن لماذا لا يؤثر هذا الكم الهائل من الأفكار والأدبيات في حياتنا، في حين كان بيت شعر واحد يقلب الحالة سياسية كانت أو اجتماعية أو اقتصادية رأساً على عقب؟؟ اعتقد أن ذلك يرجع لعدة أسباب منها: - إن أفكارهم وأدبياتهم لا تحمل أهدافاً ولا تحوي أفكاراً. - أنهم يقولون مالا يفعلون. تأملات: يقول الدكتور/ عبد العزيز المقالح: أحياناً تجلس مع إنسان متعل ، إنسان لديه قيمة في مجال حيوي من مجالات الحياة, فتحس أن هذا الإنسان مظلوم من الداخل وتحس أن له مجالاً من الظلمة ينفثه حوله. ثم تجلس مع إنسان فطري لم يتعلم ولا يقرأ ولا يكتب فتحس أن داخله نورا خاصا يشعه على الحياة حوله.. ويتساءل.. إذا كانت المعرفة ليست كافية وحدها لخلق هذا النور الداخلي، فما الذي يخلقه؟ الجهل العلمي: أما الدكتور/ مصطفى محمود، فيقول: العلم وحده لا يصون صاحبه، فقد يكون عندك علم إينشتاين ولا ينفعك، بل تكون أدنى الناس أخلاقاً وأرذلهم معاشرة، فنحن نعلم أضرار التدخين وندخن ونرى القاضي يرتشي.. ورجل الأمن يعتدي على الأمن ويقول: إن العلم ليس هو وحده مفتاح الشخصية, وما اختلفت منازل الناس الخلقية، بسب تفاوتهم في العلم بل بسبب تفاوتهم في شيء أخر هو الهمة والعزم, لابد أن يثمر العلم أخلاقاً وحكمة". ومن صور الجهل العلمي حال الكثير من مثقفينا وأدبائنا ومتعلمينا الذين تفوح منهم روائح الكذب والنفاق وسوء الأخلاق حتى تكاد تزكم أنوفنا، فشعراء بلا مشاعر، وأدباء بلا أدب، ومتعلمون جهلة. فليتنا نعمل بالمثل الصيني القائل: " لا تقل شيئاً بل افعل" وليتنا قبل ذلك نستشعر معنى الآية الكريمة. " كبر مقتاً أن تقولوا مالا تفعلون".
د. عبدالعزيز المقالح
الجهل العلمي 870