لم يقم ثوار فبراير ضد صالح لشخصه، إنما ضد مشروعه العائلي الذي تكبسل فيه المشروع الحوثي الإيراني، وكانوا قد أغروه وبنيه بملك لا يبلى، وكلبوه على مناوئي مشروعه الحالم والذين كانوا في الحقيقة عوائق أمام حلمهم هم في استعادة الإمامة. حذره العقلاء في المؤتمر قبل غيرهم، فاستخف بهم وأقصاهم، وحاول تبصيره الحريصون على البلد فاستخدم نصائحهم مادة للتحريش ونغمة للرقص على رؤوس الثعابين. كان صالح شديد الثقة بذكائه، وراح مغمض العينين يلتهم مقدرات الدولة كوقود للسير في طريق حلمه الواهم، حد أنه اشترك، كما يؤكد مطلعون، في مخطط للانقلاب الصوري عليه لصالح نجله بمشاركة الحوثيين وبرعاية منوشهر متكي- وزير الخارجية الإيراني الأسبق عام 2009، والذي أحبط بفعل تنبه الوطنيين في المؤسسة العسكرية والأمنية. لم تكن ثورة فبراير وليدة يومها، بل كانت نتيجة تراكم نضالي جاد ومسؤول لمختلف الفعاليات الوطنية منذ العام ??، لكن رياح الربيع العربي أشعلت جمرتها فثارت محاولة استعادة الدولة من يد عائلة حمقاء تحركها عصابة خطرة تتربص بالجميع. شارك الحوثيون بخيمة يتيمة في ساحة الثورة على سبيل التمويه، بينما كانت جحافلهم في مهمة استلام المعسكرات في المحافظات البعيدة بالتنسيق مع صالح، وحين آلت الأمور إلى خلع صالح، راحت أيديهم تتشابك مع يده لتحريك دفة الثورة المضادة. ونحن لا نحيي اليوم ذكرى ثورة فبراير إنما نحتفي بذكرى انطلاقها؛ فهي لم تمت بل لا تزال تنتقل من محطة إلى أخرى لاستعادة جمهورية الشعب. لسنا معنيين بصالح الآن، فقد آل إلى مصيره العادل الذي طالما حُذِّر منه، وأما الحوثيون فقد كانوا واجهة المشروع الإمامي ومحرك مشروع التوريث، كانوا بندقية قمع ثوار فبراير، وجهاز الثورة المضادة، وضدهم بالأساس قامت وتستمر ثورة فبراير.
وليد علوان
ثورة فبراير.. ضد من؟! 680