(مدخل لفحص مدخلات الذهنية المحلية والاقليمية للحوثية الفاشية ) التحقت القوى السياسية الايدلوجية بالثورة السلمية ولديها أنموذج ذهني "سياايدلوجي".. نزلت لاستقبال المولود الشبابي الشعبي السلمي كقابلة بدائية بأدوات تقليدية فألحقت الأذى بالمولود وإصابته بعلل وتشوهات ما جعل سلامته القيمية في خطر ويحتاج إلى وقت لكي يقف على قدميه ويتحرك. النماذج الهوياتية الأيدولوجية المغلقة فشلت في استيعاب التحولات التي خلقتها ثورة بلا أيدلوجيا تقدم الحرية والديمقراطية كأولوية على الأيدلوجيا ولا تلتزم بالنماذج الأيدلوجية الجاهزة، لكنها تعكس التنوع الثري والمفتوح على الجميع وشكلت مفاجأة لا يمكن إسقاط التفسيرات الجاهزة على حركتها وتوجهها العام. وحدها القوى السياسية التي ستنبثق من كينونة تلك الثورات هي القادرة على صناعة التحولات الاستراتيجية التي تعبر عن كينونة الثورات الجديدة والمتجددة والحدث الأكثر دهشة وإثارة على مستوى الشرق. لتفسير سلوك الظاهرة الحوثية علنياً في سياق ثورة 11 فبراير لا يمكن لنا أن نفسر ذلك السلوك إلا من خلال فحص النموذج الثوري في الذهنية العليا الموجهة للجماعة، ذلك أن الجماعة التي أعلنت انضمامها إلى ثورة 11 فبراير السلمية كانت تجد في النموذج السلمي عبئاً ثقيلاً يتطلب منها تأهيلاً عميقاً وطويلاً لكي تتعاطى مع هذا النموذج الذي تماهى معه الشباب من أول لحظة. والواضح أن جماعة الحوثي لم تكن تلقي بالاً للنموذج الوطني ممثلاً بثورة سبتمبر وأكتوبر ولا الثورات السلمية بتوجهاتها المدنية. إنما كان النموذج السلالي والإمامين والنموذج الإيراني الخميني بنسخته الفاشية ممثلاً بالفاشية المسلحة والفاشية الدينية المنطلقة من زوايا الحوزة المظلمة هما النموذجان المغريان للجماعة، ولم تكن تونس أيضاً تشكل ملهماً حقيقياً للجماعة الحوثية.. إنما كان حزب الله وزعيمه هو مصدر التوجيه العربي للجماعة الحوثية. وعلى طول أشهر الثورة السلمية لم تستطع جماعة الحوثي التكيف مع النموذج السلمي ولم تدفع بأعضائها إلى الاندماج الوطني مع الشباب في الساحات بل التزمت عزل كوادرها ومحاولة فصلهم عن الخطاب والوعي المدني السلمي والجدل والتنوع والاختلاف الذي كانت تكتظ به ساحات الثورة السلمية.
محمد المقبلي
ثورة فبراير والفاشية الحوثية 1 785