هناك أشياء لا تُطلب، لأنها في الأصل تأتي بشكل تلقائي ودون تكلف، فالحزين يبكي، والفرحان يضحك، والمريض يتأوه، والمحب يفضحه الاهتمام. إنها المشاعر، والعواطف، والأحاسيس، وكل ما ينتج عنها أو يصاحبها من أفعال، هي أشياء توهب ولا تُطلب، وإذا طُلبت فقدت قيمتها، ولم يعد لها معنى أو قيمة لأنها سلوكيات طوعية لا إكراه فيها، ولا يستطيع أحد أن يتكلفها أو يتصنعها، وإذا حاول ذلك سرعان ما ينكشف أمره.... يقول بابلو بيكاسو: (لا تطارد الحب أبداً، إذا لم تحصل عليه بحرية وبدون مقابل فلا قيمة له). ويقول آخر: لا تشحذ وداً بارداً ولا تسأل وصلاً متكلفاً ورحم الله الشافعي حين قال: إذا لم يكن صفو الوداد طبيعة فلا خير في ودٍ يجيء تكلفا فلا تطلب من شخص تقدير مشاعرك والإحساس بك ولا تطلب من شخص أن يحزن لفراقك ولا تطلب من شخص يهش ويبش عند لقائك ولا تطلب من شخص أن يعطيك من وقته لا تطلب من شخص ان يشاركك الأفراح ويشاطرك الأحزان ولا تطلب من شخص أن يهتم بك فإنك إن فعلت ذلك أهنت كرامتك، وجرحت مشاعرك، ولم تعرف قدر نفسك ولن يأتيك بعد الطلب إلا “ مجاملة، أو جبر خاطر، أو إسقاط واجب”. وقد تكون من زمرة المذكورين في حديث الحبيب المصطفى صلوات ربي وسلامه عليه( ما يزال الرجل يسأل الناس حتى يأتي يوم القيامة ليس في وجهه مزعة لحم)، فكل هذه الأمور توهب ولا تُطلب، وتصدر عن المحب بشكل تلقائي وعلى قدر حبك تُمنح، وعلى قدر حبك يكون الاهتمام بك وقد نضطر لطلبها في حالة واحدة وبشرط واحد، إذا كان المحبوب (عديم، ولا يفهم في الحب ولا يجيد التعبير عن مشاعره). وقد نطلبها من باب التذكير بما كان من المودة والمحبة، أو لفت نظر الشخص لما نحب أن يصدر منه نحونا وبشرط ألا يتكرر الطلب، فإذا طلبت ولم تجد استجابة فاعلم علم اليقين أن (كل شيء انتهى،،،،،، انقفل باب المودة لا تحاول تفتحه).
أحلام القبيلي
أشياءٌ لا تُطلب 1201