يعيش كثير من المسلمين حياة الغفلة والبعد عن الله حياة حيوانية, قال رب العزة والجلال:" يتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الأَنْعَامُ".. لا يحتكمون إلى شرع الله ولا يقفون عن حدود الله وكأنهم سيخلدون أبداً ولن يبعثوا ليوم الفصل "يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا".. يظلمون الناس ويأكلون حقوقهم ويضيعون الصلوات ويتبعون الشهوات ويخوضون في الأعراض, ولكن رحمة الله وسعت كل شيء ومن رحمته أن يبتلي العبد بالمصائب ليرده إليه, فيعود تائباً نادماً. يحكي الشيخ/محمد راتب النابلسي، قصة شيخ عرف بمعاكسة النساء رغم كبر سنه, فابتلاه الله تعالى بمرض ارتخاء عضلات أجفان العين, فلا يستطيع أن يفتح عينيه إلا إذا رفع جفنيه بيده. ويحكي الشيخ/محمد حسين يعقوب، قصة رجل كان بعيداً عن الله تعالى غافلاً ساهياً لاهياً أصيب بحادث مروري أصابه بالشلل, فعاد إلى الله تعالى وكان يقول بلهجته المصرية مخاطباً ربه:" كنت عايز أجي لك على رجليا جبتني على وشي- يقصد وجهي- كنت عايز أجي لك بنفسي جبتني مسحوب". إنها المصائب والبلايا تصيب العبد ليعيده الله تعالى إلى طريق الحق, تقول للعبد عد, ارجع, أفق, استيقظ, تنبه.. هي دروس يتعلم العبد من خلالها كم هو ضعيف, فلا يستقوي على خلق الله.. هي صعقات كهربائية تجعل العقل يستفيق من جنونه ويعلم أن كل لذة مصيرها إلى زوال وعاقبتها إلى نكال.. إنها نذر رب العالمين.. وكم من امرئٍ عاد إلى ربه بعد مصيبة، و لربمّا كان مستقيماً ثم زاغ فجاءته المصيبة فعاد إلى استقامة أفضل من الأولى، كالصحيح يمرض ثم يتعالج فتأتيه صحّة أفضل من الأولى.. والبلاء دعوة إلى المحاسبة، فلعل العبد كان مفرطًا في طاعة ربه معرضاً عن سبيله، فيرده الله إليه بذلك البلاء، فيتوب وينيب، فيكشف ما نزل به، وربما صحت الأجساد بالعلل، يقول تعالى:"
أحلام القبيلي
دعوة للمحاسبة 1141