لا أدري ما اكتب، ما أقول، ما أتحدث، فكل الكلمات عاجزة عن إنصافك.. ذهبت بعيداً إلى طريق لا عودة منهُ، إلى مكان هو أفضل بكثير من هذه الحياة التي مُلئت جوراً وظلماً، وساد فيها حكم الغاب والحروب والصراعات، ذهبت إلى مكان أفضل, إلى الله سبحانه، إلى العادل الرحيم الغفار.. تركتنا وتركت دنيانا، وأبقيت إرثاً من النضال والتاريخ، أبقيت كلماتك التي لا تزال تصدح في ذاكرة التاريخ، إلى الدروس التي علمتنا فيها، معنى النضال، معنى الصمود، معنى التضحية والإيثار.. كم فراقك يا طماح أوجع الناس، البسطاء الذين كنت لهم صوتاً ومحامياً وقائداً.. عرفتك عن قرب، ولطالما قدمت النصح للأجيال الجديدة، ونقلت لنا أخطاء الماضي بطريقتك البسيطة وبنقاء القلب وبصوت الأب، علمتنا معنى الإخاء والمحبة، معنى الرجولة، معنى الشهامة.. علمتنا أن نكون أصحاب مواقف وأن لا نهاب الظالم والمتجبر، وغادرتنا اليوم ولا أدري، أكنت في عجالة للرحيل، أم مقادير الله أن يكون رحيلك آخر درس تعلمهُ للأجيال، درس في الشجاعة والتضحية وفي مواجهة الأقدار وإن كانت مؤلمة.. غادرتنا في الفجر وصوت المآذن تصدح بذكر الله، ومعها غادرت روحك الطاهرة هذا العالم، غادرت شهيداً بأذن الله، محتسباً، غادرتها وقد جعلت الناس مجمعين عليك، فالجميع يرثيك، والجميع شعر أنه اليوم فقد الأخ والأب والعم والجد والمعلم والقائد، كل بما عرفك فيه وبجيلة، نعم، كل الأجيال اليوم ترثيك، وكل الأطياف تبكيك... ارتاح يا طماح، ولترتاح روحك الثورية، وليرحمك الله سبحانه، وإن كان رحيلك لنا فاجعة، فإن تاريخك وصوتك وكلماتك لا تزال حاضرة في حياتنا، فلن تخلو الكتب والمجالس والمآثر من كلماتك ومواقفك ودورك الذي لن ينساه الناس، وقد تخلد اسمك في سماء الوطن وفي قلوب الناس وفي صحف التاريخ، مناضلاً وشامخاً وشجاعاً ابد الدهر... وداعاً ابنك / محمد صالح السعدي
د. محمد صالح السعدي
ودعاً طماح 976