قد تبدو محاولة التنبؤ بالمسار الذي ستنتهي إليه الحرب اليمنية استعجالاً في غير أوانه، خصوصاً مع عدم وجود بصيص أمل على نهاية قريبة للأزمة، غير أن المستجدات على الساحة الدولية تدفع بنهاية للعمليات العسكرية، وهو ما يسمح باستشراف للمشهد اليمني بناء على تطلعات وأهداف القوى المتصارعة أو المشاركة بشكل غير مباشر في الصراع. تتطلب هذه المحاولة أيضا الإلمام بالعوامل المؤثرة على مواقف البلدان، ودوافع الجماعات المتورطة في الأزمة، وأهدافها، وهو ليس بالأمر السهل، نظرا لوفرة المتغيرات الواجب تحليلها، لكن بالتركيز على نماذج سابقة لأزمات مشابهة في المنطقة، سيكون من الممكن تحديد العوامل الموجهة لسلوك أطراف الصراع. الحوثيون يخطئ من يظن أن الحوثيين هم مجرد جماعة مسلحة واتتهم الفرصة للوصول إلى صنعاء والسيطرة عليها في غفلة من أو بدعم دول الإقليم، فالحركة الحوثية نتاج لعمل مستمر بدأ مباشرة بعد المصالحة التي رتب لها الملك فيصل- رحمه الله- في الستينات والتي أنهي بها الحرب في اليمن، فقد قام من عاد من نظام الأئمة إلى اليمن بالاشتراك مع بعض الهاشميين المشاركين في ثورة 26 سبتمبر التي أنهت حكم الأئمة في اليمن بتشكيل مجلس سياسي سري يهدف إلى تمكين الطبقة الهاشمية من السيطرة مرة أخرى على دفة الحكم في اليمن. وبرغم الجهود التي بذلها أعضاء هذا المجلس فقد كانت نتائج جهودهم متواضعة جدا، لأسباب عديدة تدور في معظمها حول السياسة التعليمية الغير مذهبية التي انتهجتها الدولة والتي أفقدت الهاشميين الزخم الشعبي اللازم لهكذا عودة، وهذا الواقع تغير في اللحظة التي اقنع فيها يحيى المتوكل رئيس الدائرة السياسية للمؤتمر الشعبي العام ورئيس المجلس السياسي للهاشميين آنذاك الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح بتحجيم حزب الإصلاح عن طريق موازنته بحركة شيعية معادية للتوجه السني للحزب، حتى تحول دون انفراد الحزب بالخطاب الديني السياسي في اليمن. كان صالح من المغرمين بالألعاب السياسية والذي ينفذ فيها المشاركون أدواراً، فطالما وصف خصومه بالكروت التي يلعب بها وكان دائما يردد أن حكم اليمن أشبه بالرقص على رؤوس الثعابين، وقد ظل يرقص على رأس جماعة الحوثيين خمسة وعشرين عاما، أو هكذا ظن، فمن الواضح من مآل الأمور أن الحوثيين هم الذين كانوا يرقصون على رأس صالح، فدعم جماعة الشباب المؤمن ككيان شيعي وسمح لمراكزهم الدينية بالعمل في العاصمة، وزاد على ذلك بأن سمح بإرسال الألاف من شباب الهاشميين وغيرهم إلى ايران لدراسة الإسلام الشيعي، ودعمهم بالمال والسلاح من اجل القضاء على اللواء علي محسن الأحمر أثناء حروب صعدة، ثم تحالف معهم من اجل القضاء على الربيع اليمني، إلى أن قتل على أيديهم قبل عام مضى. كان صالح يدير اليمن بعقلية شيخ القبيلة، وقد حول الحزب الحاكم إلى أكبر تحالف قبلي في اليمن، أصبح الحزب الحاكم قبلة أي شيخ يرغب في الحصول على الأموال والامتيازات، وأصبحت معظم قيادات الحزب من المشائخ والأعيان، والأخطر انه بنى قوات الحرس الجمهوري على نفس النظام القبلي حيث يلعب فيه رجال القبائل دور الجنود، والمشائخ دور الضباط، واللواء غالبا مشكل من نفس القبيلة. ومن اللحظة الأولى لاستلامهم مقاليد الأمور في وزارة الدفاع، بدأ الحوثيون بتوزيع المنح الدراسية على أبناء المشائخ من قيادات المؤتمر الشعبي العام، وضباط الحرس الجمهوري إلى إيران ولبنان، كما حرصوا على حضور أولئك المشائخ أنفسهم دوراتهم الثقافية، والتي تم فيها غرس عقيدة الولاية لعبد الملك الحوثي، وباستخدام أموال الدولة تم شراء من لم يمكن تجنيده، كما كان يفعل صالح. ولم يكمل الحوثي عامة الثاني إلا وقد سيطر على مفاصل قوات الحرس الجمهوري، والمؤتمر الشعبي العام، فصالح بنى نظامه اعتمادا على شبكات المحسوبية، وقد كفلت لهم الفترة التي سيطر فيها الحوثيون على مقاليد الأمور أن يتعلموا إدارة تلك الشبكة بنفس كفاءة الرجل. وعندما ظن صالح أن وقت الخلاص من الحوثيين قد كان تخلى عنه المشائخ الذي ظل يسخر موارد الدولة للإنفاق عليهم إما خوفا على أبنائهم الذين يدرسون في إيران ولبنان وإما اقتناعا بأحقية عبد الملك الحوثي بالولاية، ومن ظل من أولئك المشائخ على ولائه للرئيس السابق فقد تحرك الحوثيون للقضاء عليه، أو اعتقاله بكل حزم وقبل أن ينقشع غبار المعركة مع صالح. وبهذه النهاية ثبت الحوثيون وجودهم على الأرض كطرف موحد القيادة وموحد الهدف. الحوثيون يسعون نحو هدف عسكري واحد، وهو إبقاء الوضع الراهن كما هو، فهم يعلمون أنه من المستحيل في ظل موازين القوى الحالية أن يلحقوا بالتحالف هزيمة تؤدي إلى استسلامه وإيقاف الحرب، فهم لا يورطون قواتهم في هجمات واسعة النطاق، كما أنهم قد وضعوا نصب أعينهم استنزاف التحالف إلى اقصى حد مع الحفاظ على الأراضي المسيطر عليها وعدم التنازل عن أي شبر دون قتال، بانتظار أي متغير على الساحة الدولية يؤدي إلى إيقاف الحرب، لأن ذلك يعني بالنتيجة احتفاظهم بالحكم على الأراضي التي يسيطرون عليها. إن المتغير الذي ينتظره الحوثيون على الساحة الدولية في إطار التشكل وقضية الصحفي السعودي خاشقجي مثال واضح على هذا، فقد أسفرت الضغوط الدولية المترتبة على قتله عن اتفاق مفاوضات السويد القاضي بإيقاف العمليات العسكرية وهو ما أتاح للحوثيين فرصة استعادة أنفاسهم وترتيب أوضاع جبهتهم الغربية. لن يخرج الحوثيون من الحديدة أو من غيرها إلا بقوة السلاح، فهم يعلمون أن أي أراض يتركونها لن يكونوا قادرين على الرجوع إليها مستقبلاً، وما عدا ذلك فسيخوضون مفاوضات ماراثونية لن تسفر عن شيء باستثناء تهدئة الجبهة، فجولة مفاوضات السويد تحتاج إلى جولات أخرى عديدة للاتفاق على التفاصيل ولن يوافق الحوثيون في أي سيناريو على تسليم الأرض لأي جهة لا تدين بالولاء لهم، فكل ما أرادوا الحصول عليه من المفاوضات هو تهدئة جبهة مفتوحة كانت تتسبب في نزيف كبير للعتاد والرجال، كما تجنبوا هزيمة مذلة قد تؤدي إلى انخفاض معنويات الأنصار والمقاتلين، وفوق ذلك فقد حصلوا على حماية دولية في شكل مراقبين دوليين. لم يستطع الحوثيون أن يسوقوا رسالتهم بخصوص الحرب في اليمن في عناوين أخبار الإعلام العالمي إلا عن طريق الترويج لسوء الوضع الإنساني في اليمن، والأمر الواضح في سياسات الحوثيين انهم لا يمانعون أن يسوء الوضع الإنساني في اليمن، فذلك يصنع الخبر في كل مكان في العالم، فعندما تنتشر الكوليرا أو يموت الناس جوعا، فغالبا ما يسهم هذا في تعاظم الضغط على دول التحالف، ورغم أن هذه التغطية الإعلامية لا تكسبهم التعاطف الدولي بصفتهم احد المتسببين بمعاناة اليمنيين، إلا أنها تسهم في تكثيف الضغوط الدولية على التحالف بشكل كبير، والحوثيون في هذه الحالة ينتظرون فقط أن تتوقف العمليات العسكرية وبذلك يكونون قد نجحوا بالوصول إلى هدفهم في حكم اليمن أو على الأقل حكم المناطق التي يسيطرون عليها. التحالف العربي والشرعية فيما يخص التحالف العربي فإنه يوشك أن يكمل عامه الرابع في اليمن دون ظهور أي مؤشرات على اقترابه من تحقيق انتصار حاسم يغير معادلات السيطرة على الأرض بشكل يدفع الحوثيين للتنازل من أجل الوصول إلى توافق بناء على المرجعيات الثلاث: المبادرة الخليجية والحوار الوطني وقرار مجلس الأمن 2216. وبالرغم من فارق التقدم التكنولوجي الهائل في السلاح الذي يمتلكه التحالف، فإنه يعاني من اختلالات بنيوية تجعله غير قادر، أو من جهة أخرى عازماً على توظيف أنشطته العملياتية لتحقيق التقدم المرغوب على الأرض، ولعل أوضح وأعمق اختلال يعاني منه هو عدم وحدة الهدف في اليمن. إن تسلسل الأحداث في اليمن يسمح للكاتب الادعاء أن كل طرف من أطراف التحالف ومنظومة الشرعية لديه هدف مختلف عن الآخرين باستثناء هدف وحيد وهو القضاء على التجمع اليمني للإصلاح، فمع انه احد الأطراف المؤيدة للتحالف، فلا يمكن لأحد أن ينكر أن القضاء على التجمع اليمني للإصلاح هو احد الأهداف الرئيسية للإمارات في اليمن، بل انه من الممكن اعتبار هذا احد أهداف الإمارات الاستراتيجية التي لن تتغير في المدى المنظور، بالرغم من أي لقاءات جمعت ولي عهد الإمارات بقيادات الإصلاح، ففي ندوة عقدها سفراء دول التحالف في باريس في بداية الحرب، صرح السفير الإماراتي أن الهدف من التواجد الإماراتي في اليمن هو القضاء على حزب الإصلاح في اليمن. ويشاطر الإمارات في هذا العداء هادي وأحزاب اليسار الداعمة له، فمع أنه الحزب الوحيد الذي لم تشب مواقفه أي تردد في مواجهة الحوثيين منذ بداية تمددهم باتجاه عمران وصنعاء وهو ما يفسر عداء الحوثيين له، بخلاف موقف هادي المرحب بعودة عمران إلى حضن الدولة عندما سيطر عليها الحوثيون، أو أحزاب اليسار والتي كانت تبرر هذا التقدم بأنه صراع مع الإصلاح لا دخل لأحد به مع انه كان حليفا لها فيما عرف بأحزاب اللقاء المشترك، ومع أن هادي وتلك الأحزاب قد حصدوا ثمار ما بذروه وليسوا وحدهم في ذلك، إلا أن مستوى العلاقات المتردي بين اطراف الشرعية لازال يؤثر على سير العمليات العسكرية، فقبل أيام فقط تولى نشطاء تلك الأحزاب وبعض الصحف المحسوبة على انصار هادي، الدعم الإعلامي للهجوم الحوثي على صرواح، بل وتجرأت احدى الصحف التي يملكها احد مستشاري هادي أن تعلن أثناء سير المعارك أن الحوثي قد سيطر على مأرب، وكل هذا في اطار الكيد للإصلاح لأن محافظ مأرب محسوب على الحزب. والإصلاح بصفته محسوباً على جماعات الإسلام السياسي لا يحظى على الأقل برعاية المملكة العربية السعودية، فبالرغم من العداء المفرط لجماعات الإسلام السياسي ومنها التجمع اليمني للإصلاح في عهد الملك الراحل عبدالله، فإن موقف الملك سلمان وولي عهده يبدو غامضا من الحزب، فجماعة الإخوان المسلمين مصنفة كجماعة إرهابية بالنسبة للمملكة، واذا ظل الإصلاح ينفي صلته العضوية بالجماعة فإنه لا يستطيع نفي تقاربه الفكري معها، ومع ذلك فإن المملكة تستضيف معظم قيادات الحزب، بل إنها حاولت التوسط من أجل تليين الموقف الإماراتي من الحزب، ومع ذلك فإن طرفي التحالف الرئيسيين متفقان على منع الدعم عن جبهات بأكملها بحجة قربها من الحزب واذا انتصر التحالف في تلك الجبهات فسيكون هذا من مصلحة الإصلاح. بالإمكان القول أيضا إن ملف القضاء على الربيع العربي وحركات الإسلام السياسي في الوقت الراهن أصبح ملفاً إماراتياً بعد موت الملك عبدالله، فقد تغيرت أولويات النظام السعودي في عهد الملك سلمان وتصاعدت وتيرة الاهتمام بترتيب التشكيلة الحاكمة الجديدة داخل البيت الملكي السعودي. وفي غمرة هذه الاهتمامات فإن اهتمام ولي العهد بالملف اليمني تركز بدرجة رئيسية على ثلاث قضايا، الصواريخ التي يطلقها الحوثيون على المملكة، والهجمات التي ينفذها الحوثيون على المراكز الأمنية الحدودية، وتدهور الوضع الإنساني في اليمن، وفيما يتعلق بالصواريخ فقد تم حل هذه المشكلة بعد توقيع اتفاقية السويد والتي نصت على إيقاف اطلاق الصواريخ في مقابل إيقاف الغارات الجوية، كما تعمل المملكة بمساعدة قوات يمنية بشكل حثيث على إنشاء منطقة عازلة بينها وبين الحوثيين في صعدة وهو ما سيمنعهم من تنفيذ أي اختراقات حدودية، وفي ما يخص الملف الإنساني فهو ملف شائك حاولت المملكة التحرك فيه بحسب الحاجة ولتجنب أي ضغوط دولية أو أي أزمة علاقات عامة في الغرب، فعند انتشار وباء الكوليرا وفرت المملكة اللقاحات كما حاولت المملكة توفير المساعدات الغذائية في مناطق عدة وخصوصاً في تعز ولكن الآليات التي تعتمدها المملكة يشوبها فساد كبير وهو ما يحد من فعالية أي إجراءات تتخذها المملكة بهذا الخصوص. ومع أن التحالف يعلن أنه جاء لإعادة الشرعية وإعادة مسار العملية السياسية إلى النقطة التي توقفت عندها، إلا أنه لا يستطيع أحد أن يزعم أن التحالف بصدد دعم قيام نظام يمني يلبي ولو جزءً يسيراً من تطلعات ثوار ربيع 2011 في اليمن، فطرفا التحالف هما من توليا مهمة القضاء على الربيع العربي وصناعة ودعم الثورات المضادة في كل مكان، ولا يظهر أن سياستهم مختلفة في اليمن، بل على العكس، فيبدو أن الرسالة التي يريد النظامان السعودي والإماراتي إيصالها إلى الشعوب العربية أن التظاهر لن يؤدي إلى أي تغيير إيجابي، بل على العكس سيقود إلى المعاناة والبؤس، وهو ما قد يعني طول أمد الأزمة الحالية. من الواضح أن التحالف لا يسعى لتحقيق نصر حاسم في أي جبهة من الجبهات، وهو بذلك يطبق النموذج السوري في تصفية قوى الثورة اليمنية والحوثيين معا في أتون الحرب، وهو ما سيجعل اليمنيين في نهاية الأمر يتوقون إلى الاستقرار تحت حكم أي نظام، حتى ولو كان تحت حكم من تبقى من عائلة صالح، وهو الأمر الذي إذا تحقق فإنه سيكبح آمال أي شعب عربي قد يفكر بالثورة مستقبلا. حقيقة الأمر أن الإمارات في الوقت الحالي لا تخوض حرباً في اليمن، وما تقوم به هو مجرد تهيئة لبيئة ملغمة لأحزاب الإسلام السياسي في الجنوب، فقد تم إنشاء النخب والأحزمة الأمنية كما تم دعم الحراك الانفصالي، وهذه المكونات لا يجمعها إلا العداء للتجمع اليمني للإصلاح، وسواءٌ انفصل جنوب اليمن أو استمر كجزء من اليمن الفيدرالي بعد التسوية السياسية التي يجري الإعداد لها فإن الإسلام السياسي أو ما تبقى من هذا التيار بعد الحرب سيواجه أوقاتا عصيبة على يد تلك القوى التي ستكون النواة الأولى للأجهزة الأمنية والعسكرية في الجنوب، ولن يجد أي فرصة للاستقرار أو اجتذاب الأنصار. أما في مناطق شمال اليمن، فحتى لو تحولت جماعة الحوثي إلى حزب سياسي فإن جناحها العسكري لن يتم حله ولكنه سيتم ضمه إلى الجيش وفق هيكلية محددة، وفي حالة حل هذه الميليشيا، فسيطرة الحوثي على قطاعات واسعة من الحرس الجمهوري يضمن لها النفوذ العسكري المطلوب مستقبلاً حيث لا يمكن حل تلك القوات، بالإضافة إلى أن الحركة تعمل بلا كلل لتحقيق البعد شعبي عن طريق ما يسمى الدورات الثقافية، بل إنه يمكن القول إن المناهج التعليمية التي أقرها الحوثيون قد حولت المدارس إلى حضانات للجماعة، وهذا كله يتم في إطار إفساد البيئة الاجتماعية أمام التجمع اليمني للإصلاح ومنعه من جني أي امتيازات في الشمال نتجت عن الحرب ولو على المستوى الشعبي. وبالنسبة للتجمع اليمني للإصلاح، فإن الحزب يأمل أن يصلح علاقاته مع دول التحالف وان يقنعهم انه لا يشكل أي تهديد لهم، كما أنه يسعى لتحسين علاقاته مع كافة مكونات الشرعية، وكما أن الحزب تجنب تصدر المعارك أو الدخول في مواجهات فردية ضد الحوثيين، ولذلك فإن الحزب لم يخسر الكثير ويراهن على مواصلة دعم الشرعية واستعادة الدولة، لأنها كما يبدو الطريق الوحيد أمامه للاستمرار. وبذلك فإن الحزب في شمال اليمن لا زال لديه القوى اللازمة لمقاومة وكبح جماح الحوثيين، وفي حالة ما ظهر أن أياً من الطرفين قد يستطيع أن يحقق نفوذا يتجاوز الخطوط المحددة له عندها يتم المنافسة لاستعادة التوازن المطلوب. وربما هذا يفسر حالة القبول الجزئي للإصلاح من قيادة المملكة. سيكون نظام الحكم المستقبلي في اليمن قائماً على المحاصصة والتوافقات التي لا تمثل فيه الانتخابات عاملاً حاسماً، وهذه البيئة غير المستقرة لن تسمح لا بوجود دولة هشة تابعة للمملكة حتى مع وجود حلفاء ايران الحوثيين في السلطة، واي درجة استقرار سيحققها النظام الجديد ستكون كافية ليحصل على الشرعية اللازمة في عيون اليمنيين، فاليمنيون يعيشون في مجتمعات قبلية ومعتادون على العيش في غياب الدولة، واذا توفر قدر معقول من الخدمات الصحية والتعليمية وقدر كاف من النشاط الاقتصادي، فقد لا يهتمون بقضايا مثل الديمقراطية والمساءلة السياسية على الأقل في المدى المنظور. يظل العامل المفقود في هذه الأزمة بالنسبة لولي العهد السعودي هو الإنجاز الذي تحقق من هذه الحرب، فبالطريقة التي تدار بها الحرب فإن انتصاراً واضحاً لن يتحقق على الأرض، ويبدو أن الأمير الشاب يسعى للحصول على منفذ للمملكة على بحر العرب فقط كي يكون قد حقق إنجازا مشابه لاتفاق ترسيم الحدود الذي وقعة الملك عبد الله مع الرئيس السابق صالح، وهو الأمر الذي سيرفع من أسهمه أمام خصومة من عائلة آل سعود. أما بالنسبة للإمارات فإنها تسعى للسيطرة على جزيرتي ميون وسقطرى دون أي اهتمام بموقف الشرعية من تحركاتها، ويبدوا أن ما يمنعها أحيانا هو تحفظات سعودية، وهي تقوم حاليا بشراء الولاءات والأراضي في سقطرى ومنح الجنسية لسكانها، كما قامت بإنشاء قاعدة عسكرية على جزيرة ميون، وإذا قامت المملكة بالاستيلاء على أي أراض فإن الطريق سيكون سالكاً أمامها (الإمارات) لانتزاع إحدى الجزيرتين على الأقل لان السعوديين لن يكونوا قادرين على إبداء أي اعتراضات. * كاتب وباحث في العلوم السياسية بجامعة بوتسدام الألمانية
خالد الغيلي
مشهد ما بعد الحرب في اليمن: كيف تنوي أطراف الصراع إنهاء الأزمة؟ 1227