انقضى عام ٢٠١٨ وبدأت سنة جديدة لعام ٢٠١٩.. عام ٢٠١٨ كانت سنة صعبة تفاقمت فيها أزمات انقطاع الكهرباء والمياه والرواتب غير المدفوعة وأغلب المستشفيات لا تعمل والأمن مفقود، خاصة في عدن التي أسموها بالعاصمة المؤقتة والميليشيات المسلحة تتوالد وانتشار المخدرات تزدهر والفساد ينخر في جميع مرافق الدولة وجيوب القيادات الرسمية والموازية لها تمتلئ وتنتفخ من سنة لأخرى وموضوع السيادة تثير الضحك والسخرية لمن أراد وطالب باحترامها. الحرب أكلت الأخضر واليابس والآلاف استشهدوا في كلا الجانبين، ناهيك عن الجرحى والمعاقين والأمهات والزوجات اللاتي فقدن فلذات أكبادهن دون أن تحظى بالرعاية والمواساة من الدولة. أمام هذا المشهد القاتم الحالك الظلام أو لنقل رمادي اللون، هناك مفارقة صادمة على المستوي الإقليمي والمباشر أثيوبيا بفضل قيادتها الجديدة تزدهر وتنمو بسرعة، ساحبة معها أريتريا والصومال الانفصالي (أرض الصومال) يستقر ويتطور منذ أكثر من عقدين من الزمان وتعترف به بشكل غير مباشر دول كالولايات المتحدة التي كانت ترفض التعامل معه في السابق، ودولة جيبوتي الصغيرة، مينائها ينتعش واقتصادها ينمو والدول الكبرى من الولايات المتحدة إلى الصين، ناهيك عن فرنسا التي استعمرتها يتوددون إليها ويبنون المشاريع المستقبلية فيها. ودول التحالف العربي الداعم للشرعية التي- برغم حالة الحرب المكلفة التي تخوضها في اليمن- لكنها في نفس الوقت مستمرة في تنمية اقتصاديات أوطانهم ووضع الخطط التنموية الطموحة مثل رؤية السعودية ٢٠٣٠والتغييرات الهيكلية والتعديلات الوزارية لمواكبة المتغيرات في المنطقة والعالم. أين نحن من كل ذلك وهل المشاهد القاتمة التي أشرنا إلى بعض ملامحها بشكل مبسط وحدثت في عام ٢٠١٨ ستتكرر وتشكل أكثر قتامة أم أن هناك بصيص أمل في التحسن والتغيير أو علي الأقل في وقف حالة التدهور في إطار عام ٢٠١٩؟؟ سؤال كبير تحتاج الإجابة عليه وقتاً أطول للكتابة للرد على التساؤل بإمكان الرد على ذلك بتساؤلات ثم نضع بعد ذلك بعض الأمنيات لماذا عدن والجنوب عامة كانت جوهرة الجزيرة العربية والخليج في الخمسينات والستينات ثم تدهورت إلى الحضيض بعد ذلك؟ قد يجيب البعض على هذا التساؤل بالقول إن ذلك حدث بفعل الاستعمار والحماية البريطانية لعدن والجنوب وهذا صحيح ولكنه صحيح أيضا أن بريطانيا أيضا استعمرت ماليزيا وسنغافورة وكانت لها إمارات في الخليج تحت حمايتها لماذا ازدهرت عدن والجنوب ولم يحدث الشيء نفسه في تلك المناطق. والهند كانت أيضاً جوهرة التاج البريطاني لماذا بعد استقلالها تطورت ونمت بشكل جعلها ضمن الدول الصناعية الكبرى المتقدمة؟؟ الرد السريع على التساؤل الأول أن سبب تطور عدن و الجنوب ونجاحهما يعود إلى أن التربة التي زرعت فيها بريطانيا تجربتها في الجنوب استندت على الإنسان والموقع الجيواستراتيجي التي حبانا الله بها ولم نقدر ثمنها ونعرف كيف نستغله لمصلحتنا والإجابة على التساؤل الثاني بالنسبة للهند أنها نجحت في استغلالها وبنت نفسها لتصبح قوة إقليمية وعالمية بفضل كفاءة قياداتها من غاندي إلى نهرو إلى القيادات الحالية. في الخلاصة علينا جميعاً الثقة بالله و بأنفسنا وبقدراتنا في النجاح وتعويض ما فاتنا من هدر الموارد والامكانيات والتفريط بالسيادة والعمل على تأكيدها والدفاع عنها في مواجهة الصديق قبل العدو وإذا وثقتنا بأنفسنا وبقدراتنا نستطيع أن نخلق المستحيل ولا يوجد شيء اسمه مستحيل متى توفرت الإرادة والعزيمة والتصميم حينها سننجح ونتخطي الصعاب لنأخذ مكاننا في هذه المنطقة والعالم ونعود كما كنا متميزين وفي الريادة.
د. محمد علي السقاف
2019 عام المصاعب والتحديات 705