فجر الـ15 من ديسمبر لا يشبهه فجر، حين كان الأبطال يسابقون شعاع شمسه فلا تصل إلى قمم بيحان وعسيلان إلا وعليها مقاوم يرفع رأيه الوطن ويصدح بتكبيرات النصر ومنها عدو يهيم على وجهه لا يدري ما حل به فساء صباحهم. أكثر المتفائلين والمتابعين كان يتوقع أن يتقدم الجيش والمقاومة عشرات الأمتار أما أن تطوى عشرات الكيلومترات التي تحصن في قممها العدو وزرع رمالها بالألغام، فهذا مالم يكن في الحسبان. صعق العدو وانهارت معنوياته وهو يرى الجيش يقتحم المناطق والمرتفعات والأودية ويقطع أوصال المليشيات، لم تستطع قيادة المعركة التحكم بعزائم المقاومين أو تلجم حماسهم أو تسيطر على عواطفهم التي قفزت كثيرا على قوانين العسكرية وقواعد الحروب ومن ذا الذي يمكنه أن يضبط مشاعر المهجر وهو يرى بيته وسكنه رأي العين. لم يبالِ الرجال بالألغام ولا القناصين بل تدفقت سيول معجزة من المعنويات تدك الجبال وتطوي الرمال، المئات من مقاتلي المليشيات يهيمون في الصحراء ويقعون في الأسر ويستمر التقدم بلا توقف حتى يكتب نصر خالد قل أن تجد له شبيها. اختلطت مشاعر الفرح العارمة بأخبار خيرة شباب الوطن وهم يرتقون في معراج الشهادة ليكتبوا بالدم هذه الملحمة المعجزة.. صحيح أن يوم التحرير كان يوماً خالداً لكنه يوم متصل بأشهر وسنوات من الرباط والتضحية وبدماء مئات الشهداء والجرحى ورباط أعوام في طبيعة قاسية في قلب الصحراء كان بحق يوم التتويج لمن استحقوا هذا الشرف والمجد ، دروس ذلك اليوم تستحق أن تدون في سجل المعجزات.
يسلم البابكري
بيحان في ذكرى النصر 761