التحيات العطرة إليك أيها الزميل المحنك والأمل الذي تخفق له قلوب مائة مليون إنسان استطونها اليأس لعقود من الزمن قبل أن تجود عليها الأقدار بالمخلص. سمعت نداءك الصادق إلى اليمنيين, وأنت الآن على كرسي الرئاسة وقبل عام واحد كنتَ في ميدان النضال من أجل أن ينال شعبك حقه في الحرية والمساواة والمشاركة ويتحرر من استئثار أقلية فاسدة بثروته وقراره, ولا تزال من مكانك العالي تواصل نضالك مع شعبك المقهور كتفًا بكتف. كيمنيين, نحن نثق بك وبقدرتك على فهم ما وراء الضجيج, وما يحدث في بلدنا اليوم ليس اقتتالًا داخليًا وإنما هو نضال شعب ضد عصابة الأشرار التي جلبتها نكاية عمياء لملكنا الذي شرده جدك قبل مئات السنين, وجعلته يستعين بهذه العصابة التي دحرت أجدادك من بلدنا ودحرتنا نحن بعد ذلك. ما حصل بيننا وبينكم وقتها يمكن أن نسميه اقتتالًا, ذلك أنكم بنو عمومة فصلتنا عنهم حدود وأزمنة وبقيت الجذور مشتبكة تشد بعضنا لديار بعض إن بزيارة الأقران أو برغبة الأنداد في التسلط, وهو ذاته ما بدت بوادره بين عميك أبراهام وأرياط, قبل أن يتحليا بالحكمة ويجنبا فريقي جيشكم الاقتتال بخيار الاشتباك بين الرجلين ومن يجهز على الآخر يكن قائد الجيش وحاكم اليمن, وهؤلاء ليسوا جيشًا ولا رجال دولة, كما لم يكونوا معنا يومًا كمواطنين يمنيين, بل كانوا موتوري وهم عمره أكثر من ١٤٠٠ عام. عزيزي آبي أحمد.. كانت لنا دولة عبث فيها حاكم فاسد فثرنا عليه وأسقطناه, فانتقم منا بتسليم الدولة المريضة لهذه العصابة, وفتكت به العصابة بعد ذلك بشكل بشع وباعث على العبرة أكثر من أي شيء آخر, عصابة تقتل وتخطف وتهدم البيوت على أصحابها, وتسرق ثروات الشعب ومقدراته. عصابة لها مشروع وحيد: تحكمنا أو تقتلنا. أيها الجار الطيب.. لا تتقاتل الأحزاب عندنا, والحرب القائمة بين سلطة شرعية وجماعة انقلابية متمردة, يدعم الشرعية فيها تحالف من دول الجوار, لكنه يشتغل بطريقة غبية تجعل الموقف بهذه المراوحة, وهذا التحالف عزيزي الرئيس هو من بسط الطريق لهذه العصابة لكي تنقلب على السلطة التي أتت جراء ثورة فبراير, فعلوها ضمن فعلهم الدنيئ لإجهاض ثورات الربيع العربي, ثم انتبهوا أنهم جلبوا خازوقًا خطيرًا إلى جنوبهم فخاضوا هذه الحرب بغطاء مساندة الشرعية لحماية أنفسهم. لم يكن لهذه الحرب أن تطول إلى هذا الحد لولا سفاهة التحالف في إدارته للمعركة, فهو يشتغل ضد الانقلاب وضد شركائه في مواجهة الانقلاب! أعرف أن ذلك أمر يصعب استيعابه من رجل سوي ومسؤول مثلك, لكن هذا بالفعل ما يحصل على الأرض, وهو ما يضاعف معاناتنا كشعب ويصعب مهمتنا كأمة في مواجهة العصابة المتمردة. السلام هو ما ننشد, والاستقرار هو ما نبغي, ولا سلام ولا استقرار دون إنهاء حالة الانقلاب والعودة إلى ما توافق عليه اليمنيون في مؤتمر حوار رعاه العالم وأسفر عن مخرجات تكفل لكل اليمنيين حقهم الطبيعي في بناء دولة ديمقراطية يسودها العدل وتصان فيها الحقوق, كما أسفر عن مسودة دستور جديد لدولة اتحادية من ستة أقاليم على غرار دولتكم الناهضة, ذلك حلم اليمنيين الذي اغتالته هذه الجماعة لتجر علينا كل هذه الويلات. صحيح أن الشعب اليمني ضحى كثيرًا في هذه الحرب, ولكنها تضحيات من أجل بناء الدولة وصيانة مستقبل الأجيال, وهي تضحيات مستحقة تشبه ما قدمه شعب الأرومو في الأعوام السابقة من تضحيات وضعت أثيوبيا في بداية الطريق الصحيح بمجيئ رجل مثلك إلى موقع القيادة, وسيبتهج اليمنيون بمرأى خفر زعماء هذه العصابة كما ابتهج الأثيوبيون بخفر سراق قوتهم وقامعيهم مذلولين. لا يحتاج الأمر إلى طلبكم الإذن فيما يتعلق بالتدخل في الشأن اليمني, فقد تدخلنا من قبل لجعلكم يهودًا وتدخلتم تاليًا لجعلنا نصارى, لكن تدخلنا لم يجلب لكم الغزاة الأغراب, بينما جلب لنا تدخلكم هذه العصابة, أتينا إليكم قديمًا وصار بيننا وبينكم النسب والصهر دون أن نهين كريمًا أو نذل عزيزًا, لكن جدك ذهب ليقتل ملك حمير ويتزوج بامرأته, الأمر الذي جعله ولده سيف بن ذي يزن عفاش يستعين بشذاذ الآفاق القابعين في سجون فارس لينتقم لنفسه ويورطنا نحن بعد ذلك. ولعله يقع عليكم كبني عمومة حق تاريخي في رفع هذا الضرر الذي كنتم أحد أسباب وقوعه, فتعالوا واطردوا هذه العصابة, ودعونا جميعًا كشعب أكسوم نتدبر أمرنا بعد ذلك, وأنا مطمئن إلى أننا سنتفق, كما يتفق المسلمون والمسيحيون في أثيوبيا على مصلحة بلدهم ويجمعون على تأييدك دون التدقيق في دينك أو هويتك. حالنا واحد وحولنا واحد, أخوة في الطبائع والجذور, في القات والقهوة والعسل, أنت آبي أحمد وأنا أبي أحمد.
وليد علوان
عزيزي أبأ أحمد 856