الـ7 والنصف مساءً "الخميس" 13 أكتوبر، وصلت إلى أمام المنزل الذي كنت مستأجراً فيه شقتي، أوقفت سيارتي الصغيرة، وكان برفقتي زوجتي، طلبت منها أن تذهب للشقة لأخذ بعض احتياجاتها لأنني كنت أرغب بأخذها إلى منزل أسرتها. كنت عائداً وقتها أنا وزوجتي من مستشفى القاهرة القريب من المنزل، حيث قمت بإسعاف زوجة شقيق زوجتي، وأوصلتهم إلى المنزل، وأبقيت طفلتي "ربى" معهم، ثم ذهبت إلى شقتي، وحينها كانت زوجتي طلبت مني الصعود إلى الشقة بينما تجهز أغراضها، لكني أخبرتها أنني سأبقى في السيارة حتى تعود. لم تمر سوى دقيقتين فقط من صعودها المنزل، حين وصل طقم على متنه ما يقارب 10 مسلحين، حاصروا سيارتي، وطلبوا مني أوراق سيارتي وبطاقتي. كنت أحمل كرت سيارتي الذي كان لا يزال باسم مالكها السابق، وحينها استغربوا أن البطاقة باسم الصايدي، وكادوا أن يغادروا، قبل أن يصل شخصان، كأنهما من أبلغا عني، وصلا إلى المكان يسألان عما جرى وبعبارات "يا يوسف عجلان أيش في"، وكانت ربما الإشارة التي دفعت بثلاثة مسلحين بالصعود إلى سيارتي وضربي على رأسي بسبب أن البطاقة ليست باسمي. نقلت إلى قسم شرطة الحميري، القريب من المنزل، وهناك بقيت 4 ساعات دون أي تحقيق أو سؤال، لكنهما منعاني من إجراء أي اتصال، بعدما أخذا هواتفي وما في جيبي. "أبو هاشم" قائد القسم، اتصل بجهة أخرى، عندما وصلوا الواحدة صباحاً إلى الحميري، وطلبوا فتح تحقيق سريع معي وأيضاً المضبوطات التي كانت بحوزتي، وقام أحدهم بتصويري عبر هاتفي وإرسالها إلى طرف آخر، ربما كان الشخص الذي أكد لهم أنني يوسف عجلان. نقلت إلى سيارة تاكسي معي مسلحان اثنين، وبسرعة كبيرة، كانت السيارة عاكسة للشارع الرئيسي، من أجل إيصالي إلى "البحث الجنائي"، في شارع العدل،.. وعند البوابة تم إبلاغ الحراس أنني شخص مطلوب لـ"أبو رائد"، الذي عرفت لاحقاً أنه مسؤول البحث الجنائي عن الحوثيين. أدخلت إلى حوش مفتوح وبداخله أكثر من 50 شخصاً، جميعهم لديهم سوابق جنائية، وهو الـ"حوش" الوحيد الذي يتواجد فيه الجنائيون، فيما يتواجد حوشان آخران مخصصان لـ"المعتقلين". جلس السجناء حولي يسألونني عن سبب اعتقالي، وحينما أخبرتهم لم يصدقوا، وكانوا يعتقدون أني أحد المجرمين مثلهم، فمنهم متهم بقتل، وآخر بنهب 5 ملايين ريال، وثالث بقضية اختطاف ورابع وخامس و الخ. في ذلك الحوش البارد في صيف الشتاء، لم يعط لي بطانية أو فراش، وقضيت ليلتي الأولى نائماً على الرصيف "وهو ما لم يأت النوم"، وفيه يتواجد "2 دورة مياه"، لا يوجد فيه مياه أصلاً، والقاذورات تملأ المكان. خلال تلك الليلة استرجعت كل شيء.. معنى حياتي التي أصبحت في قبضة جماعة مجرمة ربما لن أعود إليها.. تألمت ليس على نفسي، بل على أبي وأمي اللذين لا أعلم كيف سيكون حالهما حين يسمعان الخبر، خشيت أن يحدث لهما مكروه بسبب اعتقالي، أعلم مدى حبهما لي ولأخوتي، وما قد يضرهما بسبب سماعهما الخبر.. وكنت أتمنى أنني لم أكن يومها ولدهم، حتى لا يتألمون لخبر اعتقالي. أو لزوجتي التي تحمل في بطنها طفلي الثاني، وكيف ستكون ردة فعلها حين تنزل إلى الشارع من أجل أن تذهب معي لبيت أسرتها فتتفاجأ بعدم وجودي، ثم يصلها خبر اعتقالي. أو لإخوتي... لمن لهم في حياتي محبة.. لأصدقائي.. لكنها هي الحياة هكذا للقصة بقية..
يوسف عجلان
يوم اعتقالي! 747