شعور مريح، مشاهدة من يمثل اليمن رياضيًا عبر القناة ذاتها التي تنقل الدوري الإسباني.. يشعر الإنسان بأهميته حين ينحشر بين أناس مهمين، قد يفتقر لإمكانياتهم، قد لا يشارك أبدًا، قد يكون الفارق شاسعًا، لكن آخر محفزات الطاقة الإيجابية لليمني وجوده بين بين منافسين كبار، أو على الأقل وجوده الشرفي بين الوسائط التي تنقل تلك المنافسات. يوم الأحد كانت مباراة البرشا، ويوم الاثنين كانت مباراة المنتخب اليمني للناشئين، شاهدناها على بين سبورت بالطبع، بالجهاز الذي ينقل الدوريات الكبرى والمسابقات المهمة في العالم وحصريًا.. قدرٌ على اليمني أن يحمل الهموم كما يحمل خزانة الملابس، أن يثقل ذهنه بالمشاكل والمآسي وإن كان عمره أقل من السادسة عشرة. قبيل يوم من انطلاقة المباراة، ظهرت وثيقة متعلقة باتحاد الكرة، تشير إلى اختلاس مبلغ 17 ألف دولار، بدل سفر المنتخب. مبلغ ضئيل مقارنة مع رياضة الآخرين، وفي ظل وضع قاس يحتاج اليمني إلى الريال، ومع ذلك اختلسوا هذا المبلغ. اللاعب لم يصل السادسة عشرة بعد، لن يفهم تبريرات اللصوص وأعذارهم، سينزل إلى أرضية الميدان بنفسية المهزوم المستلب، الذي سرق الآخرون بلاده، حقوقه المادية، وحقه في اللعب كالآخرين. تأهل الصغار في التصفيات، فازوا على قطر التي تملك أكاديمية اسباير بسداسية، كرمتهم الشرعية وكرمهم صالح الصماد، واستدعاهم الرئيس السابق صالح، قُتِل الصالحان رئيس الحوثي ورئيس المؤتمر، كل وعود الدعم لا تأتي، كل ذلك يمكن لليمني أن يتجاوزه بسهولة، لقد تعود على ما هو أسوأ من ذلك. تم إهمال المنتخب، كما هي العادة الإدارية للرياضة، وقبيل النهائيات -التي انطلقت قبل أيام في ماليزيا- بفترة وجيزة جدًا تم تغيير مدرب المنتخب السوري محمد خدام الذي تأهل بجدراة مع منتخبنا من التصفيات إلى النهائيات. في بداية مباراة الإثنين، قال المعلق: لن نعاتب المنتخب اليمني على أدائه بسبب الصراع الحاصل في البلد، وذهب إلى أن الصراع في الداخل يؤثر على أداء اللاعبين، اللاعب بحاجة إلى صفاء ذهني داخل أرضية الميدان، اللاعب ذاته لديه أسرة يتواصل معها والأسرة تعيش أوضاع الحرب، من الطبيعي أن يكون ذهن اليمني مسكونًا بالهواجس القلقة ما يؤثر على أدائه. العالم عندما يطلب شيئًا منك، يوفر لك كل المستلزمات التي تحافظ على تركيزك، في المنتخبات، في الأندية ذات الثراء الفاحش، مشرف اجتماعي، لجان طبية، وتخصص نفساني أيضًا، في مدارسهم أيضًا ذلك، المبدع بحاجة إلى اهتمام، والعملية الإبداعية لا تكتمل بضربة حظ.. تشتري لاعبًا بعشرات الملايين ولكن أدائه سيئًا على الأرض، لقد انكسر عاطفيًا بسبب هجران فتاته ومواعدة لاعب آخر، متخصصون يعملون لإخراج اللاعب من الأزمة، ضغط جماهيري على نجم افتقد لحاسته التهديفية يؤثر على نفسية لاعب، مدرب يحاول إيجاد الحلول بشتي السبل كما تم مؤخرًا مع النجم المصري محمد صلاح. مالنا وهؤلاء المبذرين، الغرب معهم "بيس". في السلم، كما في الحرب، نشتكي من سوء الإدارة، الباقي يمكن تجاوزه. الأسيويون قصار القامة، الناس في الكوريتين مثلهم في اليابان، بنيات جسمانية نحيلة، عيون غاطسة، وقامات قصيرة، لقطة أخيرة من مباراة المنتخب اليمني مع كوريا الشمالية، لاعب يمني ناشئ جوار لاعب كوري، "انظر عزيزي المشاهد عدم التكافؤ، لا في القامة، ولا تكافؤ في البنية الجسمانية" كان اليمني ناحلًا كأنه خرج من المجاعة لتوه، هو بالفعل كذلك.. ستتداهمكم صور آكلي الشجر في مديرية أسلم بمحافظة حجة، القفز الصدري لتلك الطفلة المبتسمة التي لم تلبث كثيرًا حتى ماتت جائعة.. هكذا ينزل اليمني الصغير، في ذهنه ألف هم وغم. ثم نأمل الفوز..
سلمان الحميدي
هموم اليمني الصغير 919