البعض يستغرب حشر إيران في موضوع الحوثي ويستغرب الإكثار من ذكرها كون الحوثي امتداد للإمامة التي عمرها اكبر من عمر إيران الشيعية من ناحية، ومن ناحية ثانية لا يرى اي تدخل إيراني مباشر كما هو واضح في تحالف دعم الشرعية.. وفي حقيقة الأمر فإن إيران تخوض حربا هجومية شرسة على المنطقة منذ قيام ثورة الخميني المدعومة من اليسار الشيوعي عام1979م،: ففي مطلع 1980م أكمل الخميني سيطرته المطلقة على السلطة في إيران، ووضع دستوره المذهبي الطائفي القائم على ولاية الفقيه والمذهب الاثني عشري، وأعلن معها فكرة تصدير الثورة الى العالم الإسلامي عبر السيطرة العسكرية على الأنظمة في الخليج والجزيرة العربية، وعلى اثر ذلك انفجرت حرب الخليج الاولى 1980-1988والتي أوقفت الاجتياح الفارسي الشيعي للمنطقة، وفي منتصف الثمانيات تم تعديل نظرية تصدير الثورة ، إلى نظرية أم القرى القائمة على تغيير الأنظمة من داخلها عبر إنشاء الأذرع العسكرية، واعتبار إيران المركز الديني والسياسي للعالم السلامي بدل مكة المكرمة، للوصول إلى الهيمنة الكاملة في المنطقة فقامت بالتالي : 1 / استكمال بناء اذرعها العسكرية داخل العراق وفي الكويت والبحرين والإحساء بالسعودية ولبنان استكمالا لمشروع تصدير الثورة. 2 / البدء ببناء ذراعها العسكري والثقافي في اليمن منذ منتصف الثمانينات عبر إنشاء منتديات الشباب من داخل المذهب الزيدي نفسه، حيث لم يكن يوجد في اليمن حينها اثني عشرية مثل السعودية والكويت والبحرين والعراق ولبنان. وكان قد تم إسقاط نظام الإمامة الزيدية عام 1962م وتخلى آخر الإماميين رسميا عن الحكم وتحولت حاضنته الفكرية الى السنة، وما تبقى أصبح مدرسة أحياء مذهبي أكثر منه حركة سياسية او عسكرية، حتى بعثتها إيران من جديد بآليات خمينية وجوهر امامي. 3/ البدء بإثارة الفوضى والشغب في المشاعر المقدسة إثناء أداء فريضة الحج وصولا الى سفك الدماء وقتل مئات الحجاج في حج 1407هج/1987م بهدف نزع إدارة الحج ثم مكة والمدينة من المملكة العربية السعودية، ووضعها تحت ادارة ولاية الفقية في قم، ولا زالت مستمرة في هذا النهج الى الآن. 4/ الانتقال من مرحلة بناء الأذرع العسكرية الى مرحلة التنفيذ والسيطرة على العراق ودمشق وبيروت وصنعاء للوصول إلى سيطرة الشيعة على العالم الإسلامي . 5/استكمال بناء الأذرع العسكرية في جنوب وشرق المملكة العربية السعودية، وزرع خلاياها في المدينة المنورة وأماكن متعددة داخل المملكة، وكذا في البحرين والكويت ، مع بناء امبراطورية إعلامية هجومية هائلة وتزويد الأذرع بالأسلحة الحديثة والمتطورة والخبرات المتقدمة، وقد تم القبض لى منظومات صواريخ واتصالات مع الخبراء ضمن جيهان1 وجيهان2 عام 2013م كمثال بسيط.. 6/الانتقال غالى مرحلة متقدمة من الهجوم الشامل والقيام بلعب دور تاريخي معكوس، يقلب الدور الذي قام به صلاح الدين الأيوبي في إسقاط حكم الفاطميين الشيعة في مصر واليمن وبعض مناطق المغرب في القرن الثاني عشر ، والاستعداد للدخول في المرحلة الأخيرة من قلب المعادلة في العالم الإسلامي، ونقل السيطرة من السنة إلى الشيعة، واستخدام نفس الرافعة التي استخدمها صلاح الدين الأيوبي في إسقاط حكم الشيعة حينها، على أن يقوم الحوثيون وحزب الله بالسيطرة مسنودين بفيلق القدس ذي المنظومة العسكرية والأمنية والاستخباراتية واللوجستية المتكاملة، وبإسم تحرير القدس وفلسطين تتم السيطرة على دول المنطقة مع الفارق ان صلاح الدين كان صادقا في تحرير فلسطين فعلا وإنما بدأ بإسقاط نظام الشيعة لتأمين ظهره ، واستخدام الكتلة البشرية المصرية في عملية التحرير. بينما إيران تستخدم نفس القضية مستغلة مأساة الفلسطينيين وكره المسلمين للصهاينة كرافعة للوصول إلى استكمال السيطرة على المسلمين السنة في المنطقة بتفاهم كامل مع إسرائيل وأميركا وتنسيق مشترك معهم لضرب الخطر الإسلامي المتمثل في الصحوة الإسلامية السنية. فهي حرب ذات طابع شيعي فارسي هجومي شرس، لا خيار إلا مقاومته ودفعه، وكل ما يتم تنفيذه ينطلق تخطيطا وتمويلا وترتيبا ورعاية من إيران، وقد استكملت مراحل البناء والإعداد ووصلت إلى مراحل متقدمة من التنفيذ والسيطرة.. كما رعت بشكل كامل التفاهمات مع اللاعبين الدوليين وقدمت نفسها كوكيل حصري ومضمون في ضرب ما يعتبروه خطرا إسلاميا متناميا ضد الحضارة الغربية والصهيونية العالمية. فلولا إيران: لما وجد الحوثي ، ولما سيطر على صنعاء، ولما قامت الحرب، ولما حصلت هذه المعاناة. هل فهمتم الآن لماذا ايران؟
أحمد صالح العطعطي
لماذا إيران 916