استعادة الحديدة لم تعد أمراً قابلاً للتأجيل، لما تشكله هذه المدينة من أهمية استراتيجية وجغرافية، من شأنها إعادة الحسابات السياسية والعسكرية على الأرض من جديد.
فالانتصارات التي حققها التحالف العربي على الأرض، واقتحام الجيش الوطني اليمني شارع صنعاء وسط الحديدة، وبدء عمليات تمشيط واسعة بمنطقة كيلو 16 عبر طيران التحالف العربي، هي بمثابة سد مباشر لشرايين التنفس الحوثي، وأيضاً ضربة مؤثرة لأهم المنافذ التي تمر عبرها التعزيزات العسكرية لمسلحي الحوثي. وبالتالي فإن استعادة الحديدة ليست فقط بمثابة ضربة موجعة للحوثيين المنقلبين على السلطة الشرعية في اليمن، والمسيطرين بقوة السلاح على عدد من مناطقه، بما في ذلك العاصمة صنعاء. ولكن هي ضربة قوية للملالي ونفوذهم الذي يحرص على دعم الإرهاب وتأزيم الاستقرار وإفشال أية محاولات للتهدئة، وتغذية التوتر الذي تحرص إيران على تركيزه في منطقة حساسة من الجزيرة العربية بجوار منطقة الخليج العربي وعلى حدود المملكة العربية السعودية، وبمحاذاة ممر بحري ذي أهمية بالغة للتجارة العالمية وعلى رأسها تجارة النفط. فإيران تبذل جهداً كبيراً في تدخلاتها السافرة في الشؤون العربية، ودعمها للميليشيات الإرهابية يعد من أبشع مظاهر الإرهاب الذي يحتاج إلى التكاتف والتعاون لمواجهته وردع أدواته المتمثلة في حزب الله اللبناني وعناصر جماعة الحوثية في اليمن. وهنا أيضاً لا بد من الاستناد إلى مطالب اجتماع الدورة العادية الـ150 لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية التي اختتمت بالقاهرة، والى البيان الصادر عن اللجنة الوزارية العربية الرباعية المعنية بمتابعة تطورات الأزمة مع إيران وسبل التصدي لتدخلاتها في الشؤون الداخلية للدول العربية، لا سيما أن القوى العالمية صارت لديها قناعة تامة بأن جهود مواجهة نفوذ إيران وتغيير سلوكها في المنطقة لا يمكن أن يتحقق بدون إنهاء الدور الإيراني في اليمن. المؤشرات الإيجابية تؤكد أن العمليات العسكرية في الحديدة تسير وفق خطة استراتيجية تهدف في المقام الأول للحفاظ على أرواح المدنيين الذين يعانون من ظلم وسطوة الميليشيا الانقلابية. فميليشيا الحوثي المدعومة إيرانياً تتخذ من المدنيين دروعاً بشرية لحماية مسلحيها أمام تقدم القوات وضربات طيران التحالف العربي، فضلاً عن أن الجرائم الحوثية وصلت إلى حد استخدام دور العبادة والمنشآت الحكومية والخاصة والمباني السكنية كثكنات عسكرية ومواقع لتمركز قناصتها.
وهنا وسط إرهاب الحوثي والدعم الإيراني القطري وألاعيب تنظيم الحمدين لم يعد هناك بد من سحق أذناب الحوثي واستعادة الوطن والدولة من قبضة أسوأ انقلاب همجي إجرامي سلالي طائفي عرفه التاريخ الوطني، وإعادة الدولة الوطنية اليمنية. كما أن قوى التحالف العربي تحرص على تجنيب المدنيين ويلات الحرب التي فرضتها الميليشيا الحوثية بانقلابها الدموي والهمجي على الدولة اليمنية، وإصرارها القاطع تجاه تعطيل كافة مساعي السلام والانصياع وراء استراتيجية وضعها تنظيم الحمدين والحرس الثوري هدفها عدم التوصل إلى أية حلول سياسية من شأنها تحقيق الاستقرار. وهذا ما لمسه العالم برفض الجماعة الحوثية الذهاب إلي جنيف لحضور مفاوضات السلام، الأمر الذي كشف عن النوايا الحقيقية لهذه الميليشيا، وأيضا أثبت للعالم كله أن هذه الجماعة لا تريد السلام. وأنها تأخذ من الإرهاب منهجا ومنطلقا لتحقيق المشروع الإيراني القطري الذي فشل في تحقيق مخططاته أثناء ما يسمى بالربيع العربي ومحاولاته تمزيق العواصم العربية بدعم وتمويل ورعاية التنظيمات الإرهابية، وبالتالي فإن انتصار التحالف العربي على المشروع الحوثي قطعاً سيضمن الحماية والحفاظ على الأمن القومي العربي وله انعكاساته الإيجابية على الدولة اليمنية.