غاب الوفد الحوثي عن مشاورات جنيف التي دعت لها الأمم المتحدة، واستجابت لها الحكومة الشرعية بوفد حكومي مفاوض برئاسة وزير الخارجية خالد اليماني، وعقد المبعوث الخاص للأمم المتحدة مارتن جريفيث مؤتمره الصحفي عشية الموعد المقرر للمشاورات معلناً أن تخلف وفد مليشيا الحوثي الانقلابية عن الحضور إلى جنيف «أدى لفشل المشاورات»، في محاولة لعرقلة جهود إنجاح خطة عمل دولية من أجل الوصول إلى حل سياسي للأزمة اليمنية. لقد أجهضت مليشيا الحوثي مشاورات جنيف في محاولة لتغيير موازين القوى على الأرض لصالحها. ورغم الغياب المتعمد للوفد الحوثي، ورغم التأجيل المتكرر للمشاورات بانتظاره، صرح المبعوث الأممي بأنه «كان يفضل أن يأتي الطرفان إلى جنيف، إلا أنه سيذهب إلى مسقط وصنعاء لمزيد من المشاورات»، قائلا إن «تحقيق السلام في اليمن يتطلب تنازلات». فيما صرح اليماني بأن تصريح جريفيت يعتبر «ترضيةً للانقلابيين واختلاق الأعذار لهم»، داعياً الأمم المتحدة ومبعوثها، للتعامل بحزم لدفع الانقلابيين للانخراط في عملية السلام. بين جدية الحكومة الشرعية اليمنية في الوصول إلى حل للأزمة اليمنية، واستهتار المليشيات الانقلابية الحوثية، فرق شاسع. ورغم ذلك فإن ملف حالة اليمن حضر في جنيف داخل مجلس حقوق الإنسان الذي بدأ دورة انعقاده الثامنة والثلاثون في الفترة بين 10 و28 سبتمبر الجاري، إذ شكل المجلس في سبتمبر 2017 فريقاً لدراسة حالة حقوق الإنسان في اليمن ليقدم تقريراً حول الحالة اليمنية، وفي 28 أغسطس الماضي رفع الفريق تقريره لمجلس حقوق الإنسان، وسيستعرضه المجلس خلال دورته الحالية في ضوء تقرير المفوض السامي لحقوق الإنسان. انتقدت الحكومة اليمنية على لسان وزير خارجيتها خالد اليماني التقرير الأممي، مؤكداً أن «مثل هذه التقارير التي تصدر عن منظمات الأمم المتحدة تسهم في تعنت المليشيا الانقلابية وفي تنمية الإحساس لديها بأن هناك من يقف بجانبها في منظمات الأمم المتحدة»، وهو ما أكده غياب الوفد الحوثي عن حضور مشاورات جنيف. كما قال وزير حقوق الإنسان اليمني، الدكتور محمد عسكر، فإن الحكومة اليمنية تعدّ رداً رسمياً على التقرير، والذي انتقدته المنظمات اليمنية الحقوقية، مؤكدةً انحيازه وتجاهله لجرائم المليشيات الحوثية وللانتهاكات التي ارتكبتها هذه المليشيات في أغلب المناطق اليمنية، فضلاً عن أنه أغفل نهبها للمساعدات الإنسانية وبيعها في الأسواق. إضافة إلى عدم استقائه معلوماته من المصادر الموثوق بها.. لذلك فهو تقرير منحاز وغير محايد. لقد أراد معدّو التقرير تحميل المسؤولية لدول التحالف العربي بشأن النزاع في اليمن. والأغرب من كل ذلك تجاهلهم للدور الإيراني في دعم مليشيات الحوثي بالمال والسلاح والخبرات والدعاية الإعلامية واستخدام طهران للورقة الحقوقية كورقة مساومة في مواجهة أي هجوم محتمل على إيران. فالمليشيات الحوثية، كما أفاد تقرير سري للأمم المتحدة، تستخدم صواريخ بالستية وطائرات من دون طيار إيرانية الصنع لاستهداف الأراضي السعودية، وهو ما لم يورده التقرير الأممي. إن الحفاظ على الدولة اليمنية مهم وصعب ويحتاج إلى تفهم ودعم دوليين، وصعود المليشيات، منطقاً وثقافةً وسلطةً، يعد تطوراً خطيراً للغاية. إن وضع المليشيا الحوثية في موقع مساو للحكومة اليمنية الشرعية هو منطق خطير وغير مقبول، إذ يشير التقرير الأممي إلى هذه المليشيا بـ«سلطة الأمر الواقع»، متجاهلا الأسباب الحقيقية للنزاع وهي الانقلاب الحوثي المدعوم إيرانياً ضد الحكومة الشرعية في اليمن، ورفض الحوثيين المستمر للجهود السلمية التي تقودها الأمم المتحدة، والتي تستند على قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، خصوصاً القرار 2216 ومخرجات الحوار الوطني، والمبادرة الخليجية، وهي المرجعيات الثلاث للملف اليمني المعترف بها دولياً.
عائشة المري
اليمن.. الشرعية والانقلاب 677