لا يمكن البناء على التحركات، التي يقوم بها مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن مارتن جريفيث؛ لحل المشكلة (الأزمة في اليمن)، فقد ظهر في تحركاته الأخيرة، وكأنه يتماهى مع ما يرغب به الانقلابيون الحوثيون المرتبطون بإيران، في جر المجتمع الدولي إلى تجزئة الحلول، على الرغم من أن المرجعيات، التي يتحرك على ضوئها مجلس الأمن ومن يمثله، واضحة ولا لبس فيها، وتتمثل في ثلاثة مرتكزات وخطوط عريضة؛ وهي: القرار الصادر عن مجلس الأمن نفسه رقم (2216)، والمبادرة الخليجية، ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني في اليمن، وجميعها ترسم طريقة الحل، وتمنح أي مبعوث أممي مفاتيح الحل. في الإحاطة الأخيرة، التي قدمها جريفيث، خلال اجتماع مجلس الأمن الدولي الخميس الماضي، لم نجد فيها غير ارتباك في تشخيص الأزمة، ولم تعكس الإحاطة؛ بما وصلت إليه من تعقيدات، ولم يشفع للحكومة وضوحها، الذي عبرت عنه كلمتها، التي ألقاها المندوب الدائم لليمن في الأمم المتحدة، أحمد بن مبارك، فقد تم القفز عليها وعلى حقيقة ما يفتعله الانقلابيون من تعقيدات على الأرض. اكتفى جريفيث بعرض موجز، لما قال عنها: مبادرة جديدة تخص الحديدة، وأن الحوثيين قبلوا باستئناف المشاورات في جنيف في السادس من شهر سبتمبر/أيلول المقبل؛ لكنه لم يعط تفاصيل عن طبيعة قبول المتمردين بحل شامل، يؤدي إلى وقف الحرب، وتحقيق السلام؛ وفق المرجعيات، التي اتفق عليها المجتمع الدولي. من هنا يجب ألاَّ يراهن أي طرف على ما يعلنه الحوثيون من مواقف. فمن الواضح أنهم لا يُعيرون أهمية للحلول السياسية والاتفاقات، وتاريخهم يؤكد أنهم نكثوا العهود، وقد تم تجريبهم في أكثر من محطة، منذ الحروب التي خاضوها ضد نظام الرئيس السابق علي عبدالله صالح، ومع الشرعية، كان آخرها اتفاق السلم والشراكة، الذي نسفه الحوثيون؛ بعد استيلائهم على السلطة، بشكل كامل في سبتمبر/أيلول 2014. لذلك لا يجب الرهان على أية تحركات، لا تشمل الحل النهائي والدائم للأزمة اليمنية؛ حل ينهي المأساة، التي يعيشها أكثر من 25 مليون يمني؛ بعدما فتك الحوثيون بأحلامهم، وهدموا استقرار بلدهم؛ بعد تمكنهم من السيطرة على السلطة بقوة السلاح، وإدخال البلاد في دوامة الحرب مع اليمنيين وجيرانهم؛ لذلك فإن الحل ومفاتيحه في يد مجلس الأمن الدولي، الذي يترتب عليه الضغط باتجاه إلزام الحوثيين بتطبيق المرجعيات الثلاث للحل؛ إذ إن هذا هو الطريق الوحيد لأي حل عادل للأزمة اليمنية. أما تجزئة الحلول فلن يكون لها أي قيمة على الأرض، والارتباك الذي ظهر به مجلس الأمن في جلسته الأخيرة سببه الأساسي، المحاولات التي تُمارس بصورة أو بأخرى، للخروج عن قراراته وعن مرجعيات الحل التي أقرها المجلس نفسه، والتعلق بأية إشارة لاستئناف المشاورات في جنيف، كما أعلن جريفيث، يجب ألاَّ تبنى على وهم، فإذا لم يكن مجلس الأمن صريحاً وواضحاً في موقفه من قراراته، فإنه يفتح الباب لمزيد من تعقيد الأزمات وليس حلها.
صادق ناشر
مفاتيح حل أزمة اليمن 1062