اواااااه يا وجعي كنا نعيش في حارة واحدة أسرة مترابطة الإصلاحي والمؤتمري والإشتراكي والناصري والسلفي. الشمالي والجنوبي الوصابي والتهامي. البعداني والبيضاني الشامي والجنيد والشرعبي لا تفرفنا حزبية ولا مناطقية ولا مذهبية.. ليس بيننا داعشي ولا حوثي ولا وهابي ولا عفاشي ولا تكفيري ولا نعرف هذه المسميات الإصلاحي يقيم فعالياته في بيت المؤتمري.. والمؤتمري يسلم صدقاته للإصلاحي ليتولى توزيعها.. يصلون خلف إمام واحد.. يعطف الغني على الفقير ويساعد الفقير الغني في قضاء حوائجه. لم نكن نعرف المشاكل والاختلاف إلا أياما معدودة كل عدة سنوات. هي أيام الانتخابات وما أن يتم إعلان النتيجة حتى تعود النفوس إلى الهدوء. ويسود الحب والوئام من جديد. ثم انتهى كل شيء وأصبحت حارتي نموذجاً مصغراً للوطن قضت عليه الصراعات السياسية والمذهبية وعصابات الإجرام من كل الأطراف من الداخل والخارج.. حارتي التي أصبحت الآن ساحة للصراع يتقاتل فيها أبناء الوطن الواحد ولا تسمع فيها إلا أصوات الرصاص.. اوااااه اواااااه حارتي أتذكر أيامي فيها وأنا أتأمل طرقها وبيوتها من سطح منزلي وهي تنعم بالهدوء.. وأتخيلها الآن وكل طرف متربص بالآخر وربما هناك جثث مرمية وبعض الجرحى يئنون.. وبيوت كسرت أقفالها وفتحت أبوابها وأستوطنها من ليس يملكها. أواااااه أواااااه على ماذا؟ ولماذا؟ هل تذكرون: في آخر محاضرة ألقيتها في حارتي قبل أن تحل عليها النكبة وتصبح أرضاً للمعارك ومسرحاً مصغراً لجريمة انتهك فيها وطن.. قلت وقد علا صوتي و احمرت عيناي: اخترعنا مشاكل و خصومات وعداوات وكلنا نصلي ونصوم ونعبد رباً واحداً ومافيش حد أحسن من حد. وسيأتي من يُخرجنا من بيوتنا ويفجر مساجدنا ويسفك دماءنا.. وطبعاً لم يرق كلامي للمتحزبات من هذا الطرف وذاك وشعرت بإمتعاضهن حينها. ولا أدري هل مازال جيراني يذكرن كلامي وهن في الشتات.
أحلام القبيلي
حاااارتي 1389