يرحم الله الرئيس السابق صالح، كانت له مزايا ومحاسن، ولكن كانت له عيوب وأخطاء قاتلة..
من عيوب صالح أنه كان قائداً من النوع الذي غالباً لا يختار إلى جانبه قادة، وإنما يفضّل الأتباع والمنتفعين.. وهناك كثيرون في المؤتمر يتمتعون بسمات القيادة من غير شك، لكن منهم من تكيف مع دور الموظف التابع حيث لا مجال لدور قيادي حقيقي في عهد صالح، وهناك من توارى، أو هُمش وبقي في مستوى أدنى، ومنهم من آثر الابتعاد، وكثيرون غادروا في 2011، و 2014..
ما حدث مؤخراً في صنعاء تحصيل حاصل لتطورات وتداعيات سبقت ومهدت، بعضها كانت من صنع صالح نفسه، يرحمه الله، وتدابيره الخاطئة، ومن ذلك التحالف إلى درجة التماهي والخضوع للمليشيا الغازية.. قال لي أحد قيادات المؤتمر البارزين، ليلة احتفى الحوثيون بغزو صنعاء، في 21/9/2014، لم تبق لنا إلا رحمة السيد..! وما حصل الْيَوْمَ، كان بمثابة إعلان تسليم واستسلام وإذعان لتلك الرحمة الغريبة القاسية التي توحشت مع قائدهم صالح وأمينهم العام، الرجل الاستثنائي عارف، ومع البلد وأهلها جميعها ..
في الثلاث السنوات الماضية ناور صالح كثيراً ليوحي، خلافاً للواقع، أنه ما يزال قوياً ومؤثراً، لكنه بدا في أيامه الأخيرة كمن يصدق نفسه، مع أنه كان لا يصدق الحشود كثيراً، ويعتبرها لعبة وتلاعب في الحقيقة.. وسمعته في التسعينات يسخر من السيد علي سالم البيض الذي كان يصدق الحشود والزوامل، وخذلته في النهاية.. وأردف حينها، صالح، قائلاً: قد ضحكوا على البدر زمان وعلى عبد الناصر..!
أعرف كل الذين اجتمعوا الْيَوْمَ لاختيار خليفة لصالح، وكلهم زملاء سابقون، ولا أرغب هنا في الإسراف ولو قليلا، في النقد واللوم والتوبيخ مهما كان مستحقا في هذا الظرف. لكن قد يحسن التأكيد هنا بأن الغزاة المتوحشين الذين اجتاحوا عاصمة البلاد في تلك الأيام النحسات والليال السود، وقتلوا صالح، وعارف، وآخرين كثيرين، يحتاجون تعاملا وعملا ونضالا مختلفا عما كان عليه الحال الْيَوْمَ، وعما كان عليه الحال في الثلاث السنوات الماضية، منذ اجْتَياح صنعاء، وما قبله أيضا..
يرى كثيرون أن حتى السكوت والابتعاد كان أولى من فعالية الْيَوْمَ وما يترتب عليها..
لعل السكوت والابتعاد كان أضعف الإيمان حقا..