(16) في الحروب الطويلة مكاناً وزماناً تتكشف حالات مرضية عسكرياً وأمنياً ومقاومياً مادياً ومعنوياً وهو ما لم يسلم منه جيش الجهاد الإسلامي في عصر الرسول صلى الله عليه وسلم وهو قائده، وهكذا على مر التاريخ وصولاً إلى جهاد المستعمرين ومقاومتهم في الوطنين العربي والإسلامي، وانتهاء اليوم بحروب الثورات والانقلابات واسترداد الشرعيات ودفع البغاة والمعتدين، فطوابير النفاق لا تتوقف بل تتطور وتتحسن في الأداء السلبي نظرا لتقدم وتحسن التكنولوجيا لحديثة وهو ما تعانيه الحروب اليمنية الحالية في صفوف الشرعية لتعدد مصدر القرار واختلاف الرغبات وظهور المطامح والمطامع، وهي سريعة الانكشاف بطيئة الخجل من نفسها والانكساف.
(17) لذلك تجد هذه الطوابير متآكلة من الداخل، ناشزة عن الحق المبين، تعكس خط سير الشرعيّة، وتخالف واقع الاصطفاف مع الجيش، وتنكر المألوف، وتعادي المعروف، تسبح عكس التيار، تضع يدها على الزناد وتلعب بالنار وتطيش هنا وهناك لتفرض في تعز واقع فصائل وكتائب متقاتلة متحاربة متناحرة، وتستدعي أجندات وحزامات أمنية، كي تتكئ عليها وتقف خلفها، وتقتات منها، وتتمترس في مربعاتها، تلك المربعات غير الراغبة في الجيش والنظام والقانون، ولا يهمها وطن ولا دين ولا إنسان ولا عيش كريم؟!
(18) هذه الفئات الضارة بعضها عسكري وأمني مدعوم على استقلال، ومجال عملها المفروض في جبهات هاتين المؤسستين وفي إطار أهداف الجيش والأمن، لكنها اتخذت لها جدولا آخر، يتوزع بين السطو على المواقع المحررة وتوسيع مساحة نفوذها في داخل الجبهات، وبين السطو الأمني على المدنيين ومنازلهم ومتاجرهم، وبين إرهاب الابرياء والآمنين واستحلال دمائهم بالباطل وبطرق مخالفة للنظام المؤسسي وبعيدا عن الشريعي الإسلامية والعقل والمنطق.
(19) وبعض هذه الفئات عملها لوجستي سياسي وإعلامي غرضها زعزعة الأمن والاستقرار وشق الصف، ثم صناعة بيئة معادية للشرعيّة والجيش الوطني، وتفكيك الحاضنة التعزيّة قدر الإمكان، وكذلك هذه الكيانات السّطَوِيّة قد يكون سطوها بالأذى الموجه إلى منابع الخير والتضييق على مؤسسات المجتمع المدني المحلية والخارجية التي تعمل على إغاثة المواطن ومساعدته في مواصلة الحياة، بل والسطو على المواد الإغاثية المخصّصة أو الاستنقاص منها وبيعها في السوق السوداء للتجار كما يحدث في كل مرة.
(20) أطياف تقوم بتصرفات جماعاتية مشيخيّاتة إرهابية يمينية تتمسح بالدين وتتكهنت بمظاهره وقشوره، ويقف خلفها بعض أصابع يسارية منفلتة، وعلمانية شاردة، تأتي بأعمال غير مرغوبة لمخالفتها للطابع العام والسواد الأعظم من الأمة التي تعيش في أوساطها، بتلك الأعمال أصبحت مستهجنة في المجتمع التعزي المخلص.
(21) صحيح أن هذه الكيانات الغريبة والرغبات الشخصية المصلحيّة قد تعيق النصر وتخذله وتؤخره إلى حين لكنها لا تستطيع إيقافه أو منعه، هي تؤخر التحرير إلى أجل لكنها لا تستطيع الوقوف أمامه إلى الأبد، هي تزيد في الضحايا وتكثر من عدد الجرحى إلى حد ما لكنها غير قادرة على تحويل مواقع الانتصار إلى مواضع للانكسار، هي عاجزة إلى حد كبير بل تماما عن تسليم بضعة أمتار للأعداء بعد تحريرها بيعا وشراء لتقلب الموازين، ولمّا تعجز تتجه إلى الداخل لتنخر في مؤسسة الجيش وتماسكه، وفي مؤسسة الأمن وتعاضدها، وفي بقية قوى الممانعة التعزيّة، تكرر ذلك ولا تخجل ولا تيأس فالأجر جزيل ومغري؟!
(22) كيانات حاقدة ورغبات جهويّة مريضة تستقوي بالخارج وتتجاهل الداخل، وتكتب تقارير شاملة مضللة ضارة بتعز القضية والجيش والمقاومة، بها توافق مصالح واتجاهات أنظمة ومنافع وهوى أشخاص هنا وهناك، وفي الواقع هي تحاول الدق بقوة حديدها وسلاحها في جدار الجيش الشرعي الذي يتأسس ويتقوى يوما بعد يوم حتى صار صخرة صلبة غير قابل للانكسار، لكنها تحاول يائسة لعلها تحدث فيه ثقبا أو خرما، أو تجد فيه متمسك لها تتكئ عليه، فإذا قدر الله ونجحت في إيجاد ما يشبه المدخل على حين غفلة وغرة من أهله فيقيني أنها لن تجد لها بصيص أمل ينجح في صناعة المَخرَج وستكون في الفخ، فليس الخروج كالدخول، والفشل هو طريقها الوحيد كما هو في كل مرة .
يتبع 4
