هناك وعلى الرصيف يقعد هؤلاء البائسون كل يوم يترقبون بزوغ أشعة الشمس ليتسابقون إلى الأرصفة لعل شروق اليوم يحمل لهم آمال وتفاصيل يوم جديد سعيد، بعد انعكاسات أشعة الشمس على وجوههم لتفضح فيها قسمات البؤس والشقاء الذي يحملون معه التفاؤل، لعل أقدار جميلة تهل عليهم.
ذات صباح وأثناء مروري بجانبهم شَعرتُ بالفخر والسعادة من روح الحماس والتفاؤل الذي يحملونه من دون كلل أو ملل، وأحاول جاهدة اكتساب البسمة من وجوههم الشاحبة والضعيفة التي تحمل الابتسامة والرضا لكل المارة أمامهم، تلك الابتسامات تُشعرك بأنهم أكثر الناس ثراء وأقلهم شقاء، فترى من ملامحهم شدة التعب والإرهاق لكن البشاشة لم تفارق وجوههم.
قد تجف جيوبهم من المال، لكن لا تنفذ بسماتهم من توزيع الصدقات الجارية للجميع برغم الشعور الداخلي بهزيمة الحياة والحرمان من أبسط الحقوق، ويظل البعض في مكانة إلى أوقات الظهيرة، حاملاً أغراض عملهِ على كتفيه، يتصبب العرق من جبينه، يخفي حسرة مكتومة تطير بجناحين من ألم.
ألمحهم من بين سيارات تنساب ببطء كالأنهار وهنا تتبادر أسئلة عديدة إلى ذهني:
ما هو شعورهم بهذه الحظات؟
*🔺هل يتفقد أغنياء القوم جيرانهم الفقراء؟*
*🔺هل اغتنى البعض من أقوات هؤلاء المساكين؟*
*🔺هل هم أقل شأناً وإنسانية منا؟*
ليأتي السؤال الأهم.
*🔺من المسؤول عن عناء هؤلاء؟؟*
قدر أرى إجابة في هذه العبارة:
(هي الأقدار لا تمنحك كل شيء فتبطر، ولا تمنعك كل شيء فتضجر) لكنها ليست مقنعة ففي بلادي العديد من المآسي والآلام لماذا !!!!!؟
القدر منح الآخرين التطور والتقدم حتى وصلوا الفضاء الخارجي وما زال أبناء وطني متكئين على الأرصفة ينتظرون من يفرّج همهم ويشبع جوعهم وكلهم أمل، واعتماد على هذه الأغراض الحديدية القديمة التي تجعلهم يصنعون لأنفسهم نافذة أمل بذكرى كاذبة.
وهل الكذب حرام إذا قُصد به إسعاد نفسك وأسرتك بأبسط ما تملك دون أن تضر غيرك.
هل أولئك الذين وصلوا إلى مستوى راقٍ من التقدم أكثر إنسانية منا وقادرون على إسعاد هذه الشريحة المغلوبة على أمرها وإدخال الفرحة إليهم من خلال الأخذ بأيديهم ودفعهم إلى الارتقاء بمستواهم بعيد عن الازدراء والتكبر الذي نتعامل به معهم، ويكفي وأن نحس بما يحس به الآخرون وهذا أقل واجب خاصة لأولئك الباقين على الأرصفة المعمورة بالوجع وقِبلة البائسين.
أما عني سيظل قلمي مسانداً لأصحاب الحقوق يغفر للمخطئين ولا يغفر للظالمين، ويدعو أصحاب الأموال أن يطهروا ويزكوا أنفسهم بمساعدة المحتاجين.