ظهر البيان الأول لما يسمى بـ(القومية اليمنية)..
ورغم أنه حاول الاتكاء على اللغة الوجدانية والعاطفة اليمنية المجروحة من الحرب والانقلاب إلا أنه لم يستطع إخفاء نبرة العنصرية التي كانت اللغة الحاضرة في منشورات أصحاب الفكرة منذ البداية ..
فبالإضافة إلى أن البيان جاء ضعيفاً وغير ممنهج فإنه ارتكب خطأين فادحين في حق كل يمني:
الأول: في الجملة اللاحقة من البيان ما يمثل إهدار لحق الاختلاف وإهدار لحرية الاختيار وللتنوع ولمبدأ القبول والرفض بل والنقد أيضاً:" إن القومية اليمنية تعلن أن أي حزب أو كيان باسم القومية اليمنية أقيال لا يعبر عنها ويعبر عن المشاريع الظلامية والتفريخية لمن لا يريدون لأي فكرة يمنية خالدة النمو والاستمرار".
فهل أصبح أي مشروع قومي مواز بالضرورة مشروعا ظلاميا؟ ألا يكشف هذا قصور في رؤية أو أمر أسوأ من ذلك وهو حصر الانتماء اليمني في مجموعة تصطفي نفسها فوق الجميع ما الذي تغير عن اصطفاء آل قريش إذا؟!
لم لا يأخذ القائمون عليها أن كل يمني يعتز بهويته ليس مرغماً على الانضواء معهم.
الثاني: إن ما تضمنته خلاصة البيان الذي قدم القومية بوصفها "المادة الحافظة للاجتماع اليمني هي نواة هذا الاجتماع وصلب الهوية، وبدونها يمكن أن تكون اليمن أي شيء الا أن تكون يمنية".
ونحن نعلم أن اليمن يمتلئ بما يمكن وصفه بالأقليات المتعددة الأعراق فهناك الصومال والأحبوش والهنود والأتراك وغيرهم الكثير فهل تنتقص القومية من يمنيتهم؟ ومن ثم ماهو هذا الـ"أي شيء" هل بالإمكان توضيح ما الذي يمكنه أن تكون اليمن دون فكرة القومية التي يتبنونها؟..
أو ليست المواطنة هي معيار الانتماء لليمن؟..
المحصلة النهائية هي القبول بالاختلاف ودون ذلك فنحن نرى وجها عنصريا لا يقل عن عنصرية الحوثي ..
أما أن تعيش على كيل الاتهامات والتجريد من الوطنية فهذا نزق وأصر على أنه نزق ..
فحتى علي عبدالله صالح وقد دمّر بلد ونهبه يظل يمني ولا يمكن تجريده من يمنيته ويجب أن يحاكم قانونياً وتاريخياً وشعبياً وفق ذلك.
وسواء ظلت (القومية اليمنية) مجرد فسبكة وفكرة تعتاش على حضور منتقديها لا أكثر أو تطورت وأصبحت تيارا وكيانا رسميا فيجب أن تقوم على مساحة من حرية الاختلاف وأن يكون القائمين عليها واعون ومنفتحون على الجميع في السلوكيات وتقبل الآراء والابتعاد عن اللغة المتشنجة وعدم استخدام الألفاظ النابية والجارحة..