بعث مسن بريطاني يدعى "بيتر إند "برسالة لصحيفة "جوردن تايمز" الأردنية الناطقة بالانجليزية، يشتكي فيها من مصادرة الأمن في مطار الملكة علياء عصاً تساعده على المشي قبل أن يستقل طائرة العودة لبلده في ديسمبر 2014، قال الرجل الثمانيني إن العصا المصنوعة من خشب الأبنوس في مالاوي، تعتبر قيّمة جداً بالنسبة له.
بعد أيام نشرت الصحيفة خبراً يقول، إن الملك الأردني عبد الله الثاني قرأ رسالة بيتر في "جوردن تايمز" و طلب من المسؤولين في الديوان الملكي اتخاذ الإجراءات المناسبة لمساعدة الرجل في استعادة العصا المصادرة.
وفي الأسبوع التالي، نشرت الصحيفة رسالة أخيرة للسيد بيتر، يؤكد فيها أن العصا أرسلت إلى بيته في بريطانيا، شاكراً الملك و المسؤولين في السفارة الأردنية في لندن على مساعدته، وكتبت الصحف الأردنية عن "اللفتة الملكية السامية" تحت عناوين من قبيل :" الملك يعيد "الأبنوس" لمسنّ بريطاني".
بين عصا "بيتر" و روح "مؤيد"، سنرى بوضوح الفرق في تعامل الأردن الهاشمي مع مواطن بريطاني وآخر يمني، ففي مطار العاصمة الأردنية صادر أفراد الأمن روح الشاب اليمني «مؤيد علي عثمان»، أمس السبت، بينما كان في طريقه للعلاج في الهند.
يمني من بلاد الحرب والكوليرا، مات وحيداً و بعيداً، لن تكتب عنه "جوردن تايمز"، ولن يهتم الملك بموته، روحه ليست عصا صنعت في مالاوي و يتكئ عليها مسن بريطاني.
قالت سفارة اليمن لدى الأردن، إن المتوفى (مؤيد علي عثمان) المصاب بفيروس الكبد، بات ليل الأربعاء، حتى فجر الخميس في الفندق منتظراً رحلة طيران الاتحاد التي أقلعت فجر الخميس، إلا أن "طيران الاتحاد رفض صعود المريض على متن الطائرة بسبب حالته الصحية، ولعدم إظهار شهادة طبية تفيد بإمكانية مواصلة الرحلة إلى الهند.
لم تطلب سفارة علي العمراني التحقيق في الحادثة، بل إنها حاولت تبرئة سلطات الأمن الأردني في مطار الملكة علياء وقالت إنها قدمت المساعدة، وهي تكذب، كل الشهادات تؤكد أن سلطات المطار احتجزت مؤيد ليومين ولم تسمح له بالسفر في موعد رحلته إلى الهند، كما صادرت علاجه وأغراضه الشخصية، و "مؤيد" ليس الحالة الأولى، فأمن المطار الأردني يمارس على الدوام، البلطجة والتعسف والابتزاز بحق المسافرين اليمنيين.
ولن تهتم السلطات الأردنية بالتحقيق في حادثة وفاة مؤيد ولن يوجه الملك، الديوان الملكي باتخاذ الإجراءات اللازمة، لأن عصا "بيتر"، أهم وأغلى من روح مسافر يمني أتى من بلد فقير تطحنه الحروب ويسقط مواطنوه فريسة للأمراض.
خلال عامين ونصف العام من الحرب، ظل الأمن الأردني يمارس التعسف ضد اليمنيين، ونهاية العام الماضي وخلال العام الجاري، أطلق مهاجرون يمنيون حملة واسعة لمقاطعة مطار الملكة علياء جراء المعاملة السيئة التي يتعرض لها المسافرون اليمنيون والانتهاكات التي يواجهونها في المطار.
ولا يقتصر التعامل السيئ على الأمن في المطار، اذ يشتكي المسافرون اليمنيون على متن الطيران الأردني من فقدان الأمتعة في أوقات كثيرة أو فرض رسوم غير قانونية بحجة حماية حقائب المسافرين من الفقدان.
ونتذكر، حملة واسعة أطلقها يمنيون سافروا إلى أميركا عبر مطار الأردن وطيرانها، بعدها أعلنت السفارة اليمنية في واشنطن عقد اجتماع مع نظيرتها الأردنية لمناقشة ذات الإشكالية، وقال عادل السنيني، المسؤول الثاني بالسفارة اليمنية بواشنطن، بأن اللقاء مع مسؤولي السفارة الأردنية، ناقش التعامل غير الحسن من سلطات مطار الملكة علياء عند الوصول والمغادرة مع اليمنيين بشكل عام سواء القادمين من اليمن أو من أي دولة أخرى.
من صور هذا التعامل، المضايقات وعمليات الفرز في طوابير طويلة والتحقيقات وسحب الجوازات وإلغاء التأشيرات وإبقاؤهم لساعات وعدم السماح لهم بالدخول إلى الصالات واحتجازهم في قسم الترحيل وفقا للسنيني الذي أكد أن السفير الأردني في واشنطن اعتبر تلك التصرفات فردية وقال إنها لا تمثل الأردن وقال كلاماً كثيراً عن العلاقات القوية واحترام بلده لليمن أصل العرب!!
يتعرض المسافرون عبر الخطوط اليمنية، لمعاملة سيئة في مطار العاصمة الأردنية، ويتم مصادرة أغراضهم الشخصية والهدايا مثل العسل أو الزبيب.
وعشرات المسافرين اليمنيين فاتتهم رحلاتهم إلى دول أخرى لأن الأمن الأردني يحتجزهم ليومين أو أكثر في قسم الترحيل وهو مكان أشبه بزنزانة، تظل فيه بدون أن تعرف ما هو السبب ولا يسمح لك باستخدام الحمام إلا كل 6 ساعات، وتدفع بالدولار ليحضروا لك القليل من الماء والأكل المعلب.
اليمني طيب وبريء، وكثير من اليمنيين يسافرون لأول مرة خارج بلدهم للعلاج أو للدراسة، وفي مطار العاصمة الأردنية أمن سيء، يستغل أفراده طيبة اليمني لاستغلاله وابتزازه، ومن سوء حظ اليمنيين أن تحاصرهم السعودية في سفرهم، وتضع لهم مطار أردني كمنفذ إلى العالم ومحطة وحيدة للسفر.