;
ماجد الشعيبي
ماجد الشعيبي

الزبيري ضمير الثورة وفكرها 1044

2017-09-21 16:23:50

يمثل محمد محمود الزبيري، بفكره وأدبه ونضاله روح سبتمبر والجمهورية إلى اليوم .
لقد أطلق عليه اليمنيون لقب "أبو الأحرار" ولم يأت هذا التتويج من فراغ أو اعتباطا وإنما هو لقب يشي بمكانة ومقام الزبيري وتأثيره الكبير في تاريخ اليمن المعاصر .
ما يميز فكر الشهيد القاضي/ محمد محمود الزبيري، أنه استلهم فكر الثورة على الظلم والطغيان من روح الإسلام الحنيف، فهو القاضي الفقيه بأحكام الشريعة، لقد أعاد للإسلام اعتباره ومكانته في وعي الشعب مستلهما ذلك من ذات السياق الذي جاء به محمد ابن عبد الله دينا قيما ليقوم الناس بالحق .
لم يتخذ الزبيري من تلك الصورة الكهنوتية القاتمة التي جعلت من الإسلام سلماً ترقى عليه وخرقة بالية تمسح بها أجرامها على الشعب وقناعا خادعا للبسطاء من الناس، لم تغره تلك الأفعال المشينة للانقلاب على الإسلام الحنيف كما يفعل أغلب مثقفي اليوم - والذين طُبخوا على عجل - من محاولة هدم الإسلام ومحوه من روح الشعب وضميره بحجة أن الطغاة والإرهابيين يتمسحون به ليخادعوا شعوبهم ويدلسوا عليهم بأحاديث مكذوبة وتفسيرات مغلوطة .
لقد فهم الزبيري أن حقيقة الإسلام وقيمه البيضاء مختلفة تماما عن تلك الصور الكئيبة التي حاول طغاة الإمامية المجرمين عبثا تكييفها لتتسلقها وصولا إلى الحكم والاستئثار بالثروة والسلطة .
 الزبيري منصف من الطراز الأول فهو لا يرى أن مشكلة اليمن واليمنيين مع الهاشميين جميعهم، كما يتم الترويج لهذه الفكرة هذه الأيام، ففي قصائده كان يصفهم بما فيهم من الخير والصفات الجميلة ولكنه ثار ضد سوء استغلال الهاشمية ليتم من خلالها حكم الشعب بالنار والحديد .
وهذه النظرة الثاقبة اتضحت جلية في الأسماء الكبيرة من الهاشميين الذين وقفوا ضد الحكم الفاسد لآل حميد الدين والدولة المتوكلية أمثال زبارة والكبسي والمطاع والشامي والوزير وغيرهم. وأدت إلى تآلف قلوب اليمنيين وضمان وحدة الصف الجمهوري المعادي للكهنوت والطغيان . كم نحن بحاجة ماسة وضرورية للعودة إلى المضامين التي انطلق منها نضال الزبيري ورفاقه جميعا.. ذلك بأنها تحمل نظرة متكاملة تجمع كل الأطياف اليمنية ضمن واحدية الهدف وسمو الغايات .
مع أن فترة الخمسينات والستينات حينها كانت تضج بأفكار القومية واليسارية والاشتراكية والإسلامية، إلا أن لمعان تلك الأفكار وبريقها في ذلك الوقت لم يفتن الزبيري ورفاقه جميعا، نعم لقد استلهموا منها الشيء الكثير المنسجم مع روح الإسلام وعدالة القضية اليمنية .
بعكس ما حدث في جنوب الوطن حين تم تبني النظرية الاشتراكية بحذافيرها دون أي مراعاة لخصوصية الشعب اليمني وفكره الخاص به المنبثق من تاريخه الطويل والإسلام الحنيف .
وهو ما أدى إلى صراعات دامية بين كل فترة وأخرى بين أجنحة الاشتراكية نفسها ذلك بأن الفكر الدخيل لا يثمر غير الشر. ويجب التوقف عند هذه النقطة كثيراً، فلا يجب أن ننشغل بالصراع الأيدلوجي في زمن لم يعد للأيدلوجيا المتشنجة مكان في عالم اليوم.
إن مما يُحسب لثورة سبتمبر في اليمن أنها ابتعدت تماما عن الأيدلوجيات المتصارعة آنذاك، لم يرفع الثائرون شعارات دينية متطرفة ولا شعارات قومية بحتة، ولا حتى اشتراكية براقة لقد كان ثوار سبتمبر وعلى رأسهم الزبيري على وعي تام أن اليمن ليس بحاجة إلى أيٍ من تلك الايدلوجيات لن تضيف شيئاً للواقع اليمني المربك والمعقد على الدوام .
نعم كان بعض الثوار ومنهم الزبيري قريبون من التيار الإسلامي الأخواني والبعض الآخر منهم كان مغرما بالفكر القومي الناصري ولكن أيا من الفريقين لم يسع مطلقاً لفرض الأيدلوجيا التي يميل لها على الثورة بشكل عام .
إننا أمام مفكر من الطراز الرفيع الذي يعرف تمام المعرفة كيف يخاطب الشعب بما في نفسه وبما يؤمن به دون أن يستغفل أبناء الشعب أو يسعى لتمرير الأيدلوجيا التي يؤمن بها .
ومما يُحسب لثورة سبتمبر أنه لم يحدث بين ثوار سبتمبر صراع أيدلوجيا أبداً، ولم نسمع خطابات التخوين والتكفير السائدة هذه الأيام بين مكونات المعسكر الجمهوري نفسه .
ليبقى الفكر السبتمبري وأنواره ملهماً لنا جميعا فقد حافظت الثورة على ثوابت الشعب ولم تصطدم بماهو متأصل في الوجدان اليمني، ولكنها عملت على تطوير ما كان جيدا واشتغلت بجد لإماتة العصبية والسلالية والمذهبية والمناطقية التي كانت تغذيها الإمامة حينها، وتحول اليمنيون إلى أخوة تحت ظل الثورة وأفيائها، وللأسف في ظل حكم الفرد عادت كل تلك النتوءات لتسيطر من جديد، لقد خرج المخلوع صالح تماما عن فكر سبتمبر وانتهج كل ما يفسد ذلك النبع الصافي، لأنه يعرف أن حكمه الفاسد لن يستمر إلا في ظل إثارة النعرات والفكرة ونقيضها في نفس الوقت، وإعادة إنتاج الماضي الذي دفنته ثورة سبتمبر واستقوى به على الشعب .

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد