لعل أزمة الأشهر الثمانية وأكثر التي مضت دون دفع مرتبات الطلاب اليمنيين في الخارج والمرتبات الخاصة بموظفي الدولة بالداخل كانت بسبب عدم وضع إستراتيجية خاصة لدفع المرتبات بشكل عام قبل نقل البنك المركزي اليمني من العاصمة صنعاء إلى محافظة عدن جسدت مدى استهتار وارتجالية وعشوائية الحكومة الشرعية وعدم تحملها للمسؤولية الوطنية الملقاة على عاتقها تجاه أهم شريحتين يعول عليهم الوطن الكثير في البناء والتنمية.
ومن باب الإنصاف من وجهة نظري أن الذي اقترح نقل البنك المركزي اليمني في ذلك التوقيت من العاصمة صنعاء إلى محافظة عدن لا يخدم الحكومة الشرعية وإنما خدم حكومة الحوثيين وصالح واضر بالحكومة الشرعية بشكل مباشر حيث أن الإيرادات المالية كانت تتناقص كل يوم أمام المدفوعات بشكل عام ببنك صنعاء المركزي مما جعل الوضع المالي والاقتصادي في اليمن بشكل عام يتعقد وبالتالي يصعب ديمومة دفع الرواتب ويجعل منها أمراً مستحيلاً في جميع المحافظات والتي كان يدفعها البنك المركزي اليمني بالعاصمة صنعاء سابقاً في الأشهر الأولى للحرب العبثية.
وبالتالي أصبح وضع الحكومة الشرعية لا يحسد عليه البتة، حيث المظاهرات والاعتصامات الطلابية لا تكاد تقف في أي سفارة يمنية في الخارج إلا وتعود من جديد وبشكل أقوى وأوسع وأشمل وذلك بسبب عدم دفع رواتب الطلاب المبتعثين في مواعيدها وتأخيرها لشهور طويلة وكذلك التعيينات في مرافق الدولة وأيضاً الإيفاد الجديد لبعض المقربين للحكومة الشرعية مع تناقضهم لتصريحاتهم أن الابتعاث الجديد تم إيقافه نهائياً والاستمراريات بسبب الظروف الاقتصادية.
والأدهى والأمر هو صدور توجيهات عليا جديدة قبل أيام تتناقض جملة وتفصيلاً مع قانون البعثات قانون رقم (19 ) لسنة 2003م بشأن البعثات والمنح الدراسيـة، والذي أقر وصدق من السلطة التشريعية والمتمثلة في مجلس النواب.
والمفارقة العجيبة فعلا مطالبة الطلاب لتطبيق قانون البعثات والمنح الدراسية ورفض وتنصل الحكومة ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي من التنفيذ.
والنتيجة الإجمالية للأداء الإداري والمالي للحكومة الشرعية تقييما أسوأ من المتوقع وأصبحت مأساة الطالب والموظف اليمني في وضع لا يحسد عليه في ظل حكومة تفتقر إلى أبجديات المهنية والشعور بالمسؤولية.
أكثر من ثمانية أشهر عجاف على الطلاب والموظفين إلى لحظة كتابة المقالة والزملاء الطلاب في مصر و بولندا والمغرب وغيرها من الدول مرابطون ومعتصمون في سفاراتهم بعدما كانوا يترددون على الملحقيات والسفارات للمطالبة بحقوقهم أكثر من ترددهم إلى جامعاتهم وكل ذلك دون حيلولة لدفع مرتبات للطلاب المبتعثين والموظفين بالداخل وصلت إلى حد وصفها أنها كارثة بجميع المقاييس وتجاوزها ل مرحلة الأزمة حيث أن عدم دفع الرواتب لتلك الشريحتين لم يحدث في أي دولة في العالم.
الشرعية ليست مصطلحا للاستهلاك الإعلامي والاستعراض للبعض من الإعلاميين اليمنيين التابعين للحكومة الشرعية في القنوات الفضائية المحلية والإقليمية والعربية والذين ازكموا أنوفنا بالتطبيل والتنظير والدفاع على تجاوزات الحكومة الشرعية باستماتة وكأن الوضع باليمن على ما يرام ويصفون بأن اليمن شبيهه بإمبراطورية اليابان أو الدول الغربية وكان العالم يعيش في كوكب آخر ولا يعلم شيئاً عن أدائهم المرتهي والرخو.
وذلك من خلال سماعهم ومشاهدتهم لتلك الاعتصامات والوقفات للطلاب في السفارات في الخارج.
هؤلاء الأبواق هم سبب ما وصل له الوطن اليوم من معاناة في جميع المجالات الاقتصادية والسياسية والإدارية.
الشرعية معناها الحقيقي والجوهري احترام الحقوق الشرعية لرعيتك والتزامك بها حيث أن النص الدستوري واضح وجلي (أن الشعب مالك السلطة ومصدرها) أي أنه يمنح السلطة ويستطيع سحبها عند اختلال الميزان الحقوقي.
أختتمها بنصيحة للحكومة الشرعية التي أصبحت فاقدة لها بتصرفاتها في شتى المجالات لا تراهنوا على اللعب بقوت الموظفين بالداخل والطلاب المبتعثين في الخارج للضغط على الطرف الآخر في الصراع لأن استخدام هذه الورقة سوف تجعل منهم وقود لانتفاضة انتزاع الحقوق وثورة جياع لا يستطيع احد يقف أمامها نهائيا.
ولقد أوجزها الصحابي الجليل أبى هريرة نقلاً عن رسول الأمة.
عن أَبُي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنَ الْفَقْرِ وَالْقِلَّةِ وَالذِّلَّةِ وَأَنْ تَظْلِمَ أَوْ تُظْلَمَ.
صدق رسول الله.