ليوم العيد نكهةٌ خاصةٌ ومميزة تميزه عن سائر أيام السنة.. ولمناطقِ اليمن عادات مختلفةٌ في هذا اليوم، وللريف اختلاف فيه عن المدينة.
والذي يجمع بين هذا كله هو أن يوم العيد يومٌ جميلٌ فيه سعادةٌ وفرح وسرور ولقاءٌ للأحبة ووداعٌ للأحزان والأوهام،وتناسٍ للأمراض والأوجاع وتصافٍ للقلوب المتشاحنة.
من الواضح جدا أن للعيد نكهةٌ مميزة في الريف اليمني عن الجو المدني بعيداً عن الصخب والضجيج.
فالعيد مثلا في ريف تعز منذ صباحه يوقظانك الحبُ واللهفةُ، ويفتح عينيك الفرح من وقت آذان الفجر.. وبين النوم العميق والجو الهادئ الذي يداعبك بلطفٍ كأنه يقول لك: ارجع إلى نومك فلا قلق ولاخوف هنا-تسمع ضحكات الأطفال الرائعين وأصوات الأكياس التي يقومون بفتحها لإخراج ملابسهم الجديد وارتدائها ثم السباق إلى التحمم.
لتستيقظ متثاقلاً لتنعم بالوجه والصبوح وجه الأم الحنونة والوالد الحبيب وعندها تشعر براحة عظيمة.. أما إذا ذهبت لصلاة العيد فهناك لقاءٌ حميم بينك وبين من تحب، وبعدصلاة العيد والمصافخة الحارة بينك وبين من تحب.. تذهب مجموعة من الناس مرتدين الملابس الجديدة يحملون معهم (الطبول) يقومون بالرقص عند صعودهم الجبل رقص يبعث السرور والسعادة إلى النفس وأصوات الزوامل التي تبعث الشجى والفرح، ويتم نزول تلك الجماعة من الجبل عند مقربة من الظهر وبعدها يتم المرور من بيت إلى آخر إلا أنه ومع الأسف كادت هذه العادة الجميلة أن تختفي لكن الزيارات والمرور عبر البيوت لم يختف حيث تسمع التداعي من أسطح المنازل إلى الأحباب والخلان وتبادل عبارات المودة والمحبة من هناك، وأيضاً التعازم على أكل الحلويات وشرب القهوة الجميلة التي يفوح منها عبقُ الأصالة اليمنية، إضافة إلى سماع الأغاني التي تخص العيد بتلك الأصوات المرتفعة.
وبعد التزاور والتلاقي وتجمع الأصحاب والأحباب بغير موعدٍ مسبقٍ أو إشارةٍ إلى الزيارة، يأتي وقتُ الغداء الذي يجتمع فيه الأهل وغيرهم.
الأطفال فهم خارج المنزل غيرُ آبهين بأكل منازلهم فهم يأكلون الحلويات ويمضغون العلكة ويلعبون الألعاب المختلفة.
وإذا ماتم إدخالهم إلى المنزل لتناول الغداء فغصباً عنهم.. فهم يتذمرون من كل شيء إلا الألعاب.
وبعد تناول الغداء ينطلق الأطفالُ إلى حيثُ يشاؤون، وأما الشباب والرجال جميعهم فموعدهم المجلس (الديوان) مع حزم القات الرائعة المعدة إلى هذا اليوم.. وهنا حديثٌ جميل ففي بداية الأمر عند بدئهم بتناول القات تسمع الضحكات المرتفعة والأصوات العالية التي تضج بالمجلس الذي يعج بالحاضرين.. وما إن يدخل حديثُ السياسة حتى تتعالى الصيحات والود يغمر الجميع..وبعد برهة تختفي الأصوات رويداً رويداً!