فاض الكيل لدى إنسان تعز، وزال خوف أكثرهم من ثمن قول الحقيقة، وكشف جرائم الجماعات الإرهابية المسكوت عنها منذ بداية نكبة الانقلاب والحرب.
تعيش تعز ويلات القصف والحصار والمجاعة والكوليرا وعدم صرف الرواتب، ودفعت الجرائم الإرهابية الناس للخروج عن صمتهم، والمطالبة بسرعة إنقاذ مدينتهم.
بعد قرابة ثلاثة أعوام من الحرب تزايد خطر الإرهاب الدخيل على مدينة تعز، وتضاعفت التحديات الأمنية نتيجة تغييب مؤسسات الدولة لصالح سلطة عصابات مافيا الأمر الواقع.
ولأن الخطر بات واضحا والتستر عنه شراكة في الجرم، دشنت اللجنة الأمنية مطلع الأسبوع الفائت حملة أمنية ضد "خلايا الاغتيالات"، ويقصدون الخلايا الإرهابية.
والمضحك خرج الاجتماع الطارئ للجنة الأمنية بتسمية خلايا الاغتيالات بـ"مثيري الشغب"، ولكأنهم ألتراس نادي الصقر وليسوا عناصر إرهابية وإجرامية.
اللجنة الأمنية والألوية المشاركة في الحملة الأمنية تتجنب وصف معركتهم بأنها معركة ضد التنظيمات الإرهابية باستثناء قوات الأمن الخاصة التي تتجرأ بالحديث عن حقيقة المعركة.
وفي هذا الاتجاه يقول بلاغ صحفي صدر عن قوات الأمن الخاصة "لن تثنينا الاغتيالات أو الممارسات الإجرامية والإرهابية عن هدفنا النبيل وهو إعادة الأمن والإستقرار لتعز".
وأتت الحملة الأمنية بعد اغتيال 183 جنديا ومدنيا في تعز خلال أقل من عام، بالإضافة إلى جرائم أخرى، بينها، اختطافات ونهب وابتزاز تجار من قبل تلك التنظيمات.
ولدى التنظيمات الإرهابية سجون ومحاكم خاصة تعمل بدلاً عن أقسام الشرطة والنيابات العامة في تعز بتواطؤ زعماء المافيا ودراية المعنيين في الحكومة والرئاسة.
وفي محاولة لوقف الحملة الأمنية تصاعدت حوادث اغتيالات أفراد الأمن والجيش خلال الأيام الماضية، ونشطت الوساطات المطالبة بتجنب الصدام معهم.
وتثبت محاولات بعض النافذين عرقلة الحملة الأمنية عن تحقيق أهدافها علاقة زعماء المافيا مع التنظيمات الإرهابية المتورطة في الاغتيالات وغيرها من الجرائم.
ولهذا أتوقع فشل الحملة الأمنية بفعل محاولات وقفها من قبل بعض النافذين المستفيدين من كارثة الإنفلات ونهب الإيرادات والممتلكات العامة والخاصة.
وإذا وصلت الحملة الأمنية إلى طريق مسدود، واجب قياداتها مصارحة الرأي العام بالحقيقة، وكشف جميع المعرقلين لجهودهم من رعاة الإرهاب في المحافظة.
وهناك أسباب موضوعية تنذر بفشل حملة ضبط الأمن في تعز، أبرزها، تأخير تفعيل مؤسسة الشرطة المنوط بها إنهاء الإنفلات وملاحقة الخلايا الإرهابية.
والأخطر في فشل هذه الحملة الأمنية إتاحة المجال للمتطرفين للانتقام من الجيش والشرطة والمجتمع، والتجارب كثيرة بهذا الشأن قبل وبعد الإنقلاب.
ولهذا يحتاج ضبط الأمن ومحاربة الإرهاب إلى وجود سلطة إدارية وأمنية تعمل بروح وإرادة الفريق الواحد، وهذا غير متوفر في المحافظة حتى اللحظة.
ومشكلة تعز عدم وجود محافظ ومدير أمن ومؤسسة رسمية يعول عليها إنهاء الإنفلات ومحاربة التنظيمات الإرهابية بعيداً عن الرضوخ لزعماء عصابة المافيا.
وتظل نقطة ضعف هذه التنظيمات نبذ المجتمع لها، وغالبية عناصرها من خارج تعز، وإذا وجد محافظ شجاع ومدير أمن قوي سيكون سهلاً التخلص منها.