وصلتني صورة من مذكرة رفعها مدير عام صندوق التقاعد بوزارة الداخلية العقيد الركن/ فضل العبادي- مدير عام صندوق التقاعد- إلى مدير عام البريد بمحافظة عدن تحوي في طياتها توجيهاً وعتاباً شديد اللهجة للقائمين على مكتب بريد عدن، مطالباً إياهم بسرعة صرف معاشات الشهداء والمتوفين والمتقاعدين بوزارة الداخلية والأمن من دون تأخير.
وقد ورد في المذكرة الإشارة والإشادة بالتعليمات التي كانت قد صدرت من دولة رئيس الوزراء وكذا المعززة بتعليمات كانت قد صدرت من الأخ/ حسين منصور- الأمين العام لمجلس الوزراء- بخصوص صرف المعاشات للمستهدفين من شهداء ومتوفين ومتقاعدين من دون تلكؤ أو تأخير، كون هذه الفئات مطحونة وقد أكل عليها الزمن وشرب أكان ممن واراه الثرى مخلفاً أيتاماً يعانون ويقاسون الأمرين وما عساي أحدث عن ذوي الأجساد العارية والبطون الخاوية والأفواه الجائعة.
وليس المتقاعد الذي أفنى عمره وغدا ملقياً على قارعة الطرقات بأحسن من سابقيه فقد غدا يفترش القطع الكرتونية هنا وهناك لكربه وضيق حاله بعد أن وجد نفسه في مزبلة ذوي النعمة ممن ولاهم الله أمره، فخانوا الأمانات واستثمروا معاناة العباد وما عساي أقول غير أنهم نسوا الله فأنساهم أنفسهم ونسوا أن الله يعذب من يعذبون الناس.
العقيد الركن/ فضل عاب على القائمين على الأمر في البريد هذه التصرفات الرعناء التي تتجاهل حاجة الناس وتستغل عوزهم وتستثمر معاناتهم مذكراً اياهم باستشعار المسؤولية باعتبارهم موظفين ولديهم رواتب شهرية.
الجدير أنه قد ورد في المذكرة إنكاراً لتبرير البريد وشر البلية ما يضحك كم يقولون.
والحجة لاحتجاز معاشات العباد المغلوب على أمرهم لأكثر من أسبوعين يا سادة هو البحث عن عمولة كي يتم فتح البيانات من صنعاء كونها المتحكمة ببيانات البريد بعدن حتى يومنا هذا.
ما رأي المعنيين أجمعين أيحق لإدارة بريد عدن عرقلة وحجز المعاشات وهذه الحجج الباحثة عن ترضيات ونسب أليست واهية.
والمطالبة بالعمولات من أشخاص لم يبق منهم إلا أسماء على ورق تؤكد أنهم كانوا يوماً ما من سكان الأرض طواهم الردى فأصبحوا أثراً بعد عين بعد أن خلّفوا الدنيا بأسرها، تاركين مستحقاتهم في ذمة من ولاّهم الله الأمر.
فإن أكلوها أكلوا في بطونهم ناراً وسيحاسبون عليها وكما غدا السابق في خبر كان ما هي إلا مدة وتصيرون إلى ما صاروا إليه وكم تدين تدان والأيام دول.
والمتقاعد كفاه همه وضعفه وقلة حيلته فلا تزيدون الطين عليه بلة.
العقيد الركن/ فضل قد أكد بأن معاشات شهر يوليو 2017م موجودة بالبريد منذ أكثر من أسبوعين ولم يتم صرفها إلى يومنا هذا.
ونحن بدورنا نتساءل هل فعلاً المشكلة كامنة في صنعاء وما دوركم أما طالبتموهم أن يجعلوا لهذه الفئات المطحونة استثناء أم أنها شهية الاستثمار والفيد والاسترزاق التي تصر على أن لا تغادر صغيرة ولا كبيرة إلا واستقطعت نسبتها؟.
فالفساد بمكاتب البريد لم يعد خافياً على أحد وما من يحرك ساكناً أو يقشعر بدنه وهو يرى العباد المتعثرة وهي تمضي ساعاتها أمام المكاتب البريدية وكأنها متسولة ومستجدية ولم تكن يوماً معززة ومكرمة.
الأخ أنيس الجحافي- أحد الموظفين بالإدارة- أعرب عن استياءه من عدم مراعاة هذه الفئات بقوله: الرواتب من البريد هنا في عدن ولكنهم احتجزوها بحجة العمولة كونهم مازالوا متواصلين مع الهيئة في صنعاء ونحن إدارة التقاعد نقدم للبريد الإشعار وهم الجهة المخولة بالصرف ومع ذلك لا نجد إلا المماطلة والتأجيل لأكثر من أسبوعين دونما مراعاة لحاجة الناس وعوزهم.
ولذا نطالب وزير الاتصالات بإنشاء هيئة بريد مستقلة للمحافظات المحررة تتمتع بنظام آلي منفصل عن النظام الآلي الحالي الذي لا يزال التحكم فيه من قبل صنعاء علماً أنه إلى الآن لم نحصل من البريد على تقرير يوضح ما تم وما لم يتم صرفه باعتبارنا نمثل الشرعية بينما إدارة التقاعد بصنعاء تحصل على التقرير الشهري.
بقي أن أقول يا جماعة اتقوا الله فيما استرعاكم فهذه الفئات التي بلغت الأجلين أو أحدهما بحاجة للفتة إنسانية فنحن بشر ولسنا حيوانات تعيش في غاب يأكل القوي منها الضعيف وتذكروا دوماً أن قوي اليوم ضعيف الغد فاتقوا الله واعملوا لدنياكم وآخرتكم وتحروا الحلال وإن زين لكم الشيطان الحرام ويسر لكم مداخلة فالحرام يجر في طريقه الحلال ومن يسر على معسر يسر الله له ومن فرّج عن مؤمن فرج الله عنه.
في الأخير تحية لكل مسؤول شريف وموظف نظيف وكل قارئ حصيف وما تنسوا يا كرام أن تعطروا ألسنتكم بالصلاة على سيد الأمة وبدرها التمام..
