التحركات العربية والدولية لإدانة الانتهاكات التي أقدمت «إسرائيل» على ارتكابها في القدس والمسجد الأقصى المبارك، خاصة لجهة منع المقدسيين من أداء صلواتهم في المسجد، قبل أن تقدم على نصب بوابات إلكترونية بهدف إجبار المصلين على الخضوع للتفتيش، والتنكيل بالمحتجين على عنصرية هذه الإجراءات، تؤكد إدراك المجتمع الدولي لطبيعة المخاطر الناجمة عن مثل هذه التصرفات الرعناء، التي قامت وتقوم بها حكومة بنيامين نتنياهو، وهي تصرفات من شأنها نسف جهود السلام في المنطقة وإعادة المفاوضات بشأنه إلى نقطة الصفر.
وجاء عقد مجلس الأمن الدولي يوم أمس جلسة له بدعوة من مصر وفرنسا والسويد وكرست لمناقشة تداعيات الإجراءات «الإسرائيلية» في إطار قلق المجتمع الدولي من تداعيات الخطوات «الإسرائيلية» التي تزيد من احتقان الأوضاع في مدينة القدس وفي فلسطين والعالم الإسلامي بأسره. وعلى المسار نفسه حذت الجامعة العربية، حيث حذرت على لسان أمينها العام أحمد أبو الغيط «إسرائيل» من اللعب بالنار، معتبراً أن المسجد الأقصى خط أحمر يجب عدم المساس به، وتقرر أن يعقد مجلس الجامعة غد الخميس اجتماعاً طارئاً سيكرس لمناقشة الأوضاع الملتهبة في الأقصى وكل فلسطين، وتقييمها من كافة الجوانب.
وفرضت العنجهية «الإسرائيلية» واقعاً مختلفاً على الساحة الفلسطينية، بعد الإجراءات التي فرضتها على أداء الصلاة في المسجد الأقصى خلال الأيام القليلة الماضية، وما سببته تلك الإجراءات من انفجار غضب الفلسطينيين في مختلف المناطق في الداخل والخارج نصرة للأقصى، أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين.
كان هذا الغضب تعبيراً عن الرفض الفلسطيني والإسلامي للخطوات التي اتخذتها «إسرائيل» تجاه المقدسات الإسلامية، وفي المسجد الأقصى المبارك تحديداً، فقد لقيت هذه الإجراءات استنكاراً داخلياً وعربياً وإسلامياً ودولياً كبيراً، خاصة وأنه سيكون لهذه الإجراءات تداعيات وانعكاسات خطيرة على الوضع في المنطقة برمتها، وهو ما أكدته مواقف الأطراف الداخلية والخارجية، التي رأت في الخطوات «الإسرائيلية» رغبة في جر الصراع إلى مربعات أخرى، مستغلة حالة انشغال العرب بأزماتهم وأوضاعهم الداخلية، حيث ترغب حكومة نتنياهو في خلط أوراق الصراع لمصلحة مشروعها المتمثل في توسيع الاستيطان والتهام مزيد من الأراضي الفلسطينية.
تدرك «إسرائيل» أن معركة الأقصى التي يخوضها الشعب الفلسطيني، مسنودة بمواقف عربية وإسلامية كبيرة، ستكون مصيرية بكافة المعايير، وانعكاساتها ستطال الأطراف كافة؛ فالإجراءات العنصرية التي قامت وتقوم بها ضد الأقصى من خلال نصب بوابات إلكترونية على بواباته وتركيب كاميرات في محيطه وساحاته، تهدف في المقام الأول والأخير إلى إخضاع الوضع القائم في الأقصى للتفاوض، لكن ذلك لن يتم السماح به، وسيظل أمر مقاومته مشروعاً حتى إسقاطها بالكامل.
فلسطين لدى العرب والمسلمين قضية غير قابلة للنقاش، وطوال عقود من الزمن، لم تتمكن «إسرائيل» من طمس الهوية الإسلامية للقدس وللأقصى المبارك، حيث تبقى فلسطين عصية على أي غاز ومحتل مهما امتلك من أدوات القوة والبطش، فهي بالنسبة للعرب والمسلمين قضيتهم الأولى والأكبر، بل هي بالنسبة لهم المبتدأ وكل الخبر.