يعيش الطالب اليمني المبتعث حالات إحباط مفرطة.
غربة.. حرب.. دراسة.. انقطاع مستحقات ورسوم دراسية.. هموم كثيرة تحيط بالطالب المسكين في ظل أوضاع يموت فيها المواطن اليمني في الداخل والخارج..
في الداخل يعاني المواطن البسيط والموظف من حكومتين في صنعاء وعدن لم تثبت إحداهما جدارتها في الاهتمام بحالة هذا الشعب المعذب.. وستنتهي سنة كاملة دون رواتب لكنها اختطلت بقسائم البردقان التموينية.. "عن المواطن الذي يعيش تحت هيمنة مليشيا الإنقلاب أتحدث"..
لكن على الأقل هذا المواطن والموظف أن يموت جوعاً في بلده ويتجرع وباء السياسيين والمليشاويين إضافة إلى وباء صمته..
أما الطالب المبتعث- الذي يموت جوعاً في أرض الغربة- يقتل ويموت مرتين.. مرة بسبب عدم صرف مستحقاته ورسومة وأخرى انه في أرض الغربة وفي بلاد قد يمنع الطالب من العمل فيها.. وإذا حصل على عمل يواجه ملاحقات وضغوطات تؤثر عليه سلبياً..
في نهاية العام المنصرم 2016 اعتصم الطلاب اليمنيون في السفارات بعد أن طرد البعض من سكنه والبعض من جامعته والآخرون معتصمون في منازلهم بجوار أطفالهم ونساءهم وقد أغرقتهم ديون ثقيلة منتظرين مستحقات قالت الحكومة الشرعية إنها مسؤولة عنها.. صرفت الحكومة الشرعية مستحقات الطلاب للربعين الثالث والرابع للعام 2016 بعد أن تأخرت لأكثر من ثمانية أشهر؛ وجاءت هذه المستحقات بعد معاناة واعتصامات ووقفات للطلاب المبتعثين في الخارج وكانت كلها ديون وإيجارات تحملها الطلاب بسبب تأخير صرفها..
تكررت الكرة الآن في بداية العام الحالي 2017 وصرفت الحكومة كالعادة بعد اعتصامات ووقفات احتجاجية في السفارات والتي أغلقت بعضها أبوابها أمام الطلاب اليمنيين، فضلاً عن أنها استدعت الشرطة لقمعهم كما حصل في روسيا والسودان والهند وباكستان..
صرفت الحكومة الربع الأول فقط بعد انتهاء فترة الربع الثاني.. والآن موعد الربع الثالث والحكومة لم تصرف الربع الثاني.. وتستمر العصيد بنفس الطعم..
وفي ماليزيا.. زارها في فبراير المنصرم نائب رئيس الوزراء واجتمع بممثلين عن الطلاب وبالاتحاد العام للطلبة اليمنيين وكان له حديث طويل.. لكنه قال إن البنك المركزي في عدن ينتظر تشغيل نظام السويفت الذي من خلاله تستطيع الحكومة و وزارة التعليم العالي والمالية إرسال مستحقات ورسوم الطلاب الدراسية دون تأخير..
كذلك قالها با سلامة- وزير التعليم العالي- عند زيارته لماليزيا في نهاية العام المنصرم.. وكررها وزير الإدارة المحلية رئيس لجنة الإغاثة.. وكل الأعذار كانت من أجل نظام السويفت الذي أعلنت الحكومة عن بدء العمل به رسمياً قبل أيام؛ وهذا ما زرع ابتسامة أمل ممزوجة بالخوف من المماطلة التي تأخذ جهد وعقل الطالب..
استبشر الطلاب خيراً بإعلان الحكومة عن تشغيل النظام في البنك ولسان حالهم يقول أرسلوا رسومنا ومستحقاتنا يا حكومتنا الشرعية.. الجامعات الماليزية فضلاً عن الجامعات في دول الإبتعاث الأخرى تتخذ إجراءات ضد الطالب اليمني المبتعث وصلت إلى الفصل.. والتحرك الحكومي بطيء.. حتى الطلاب الخريجين الذين يحلمون بالعودة إلى الوطن؛ ضاقت بهم السبل.. فالوعود الحكومية بنقلهم إلى اليمن تبخرت وآخرها ما قاله وزير التعليم العالي عن تنسيق رحلة للطلاب العالقين في ماليزيا عبر مركز الملك سلمان للإغاثة وتم تجهيز كشوفات بأسماء الطلاب وعائلاتهم لكن الرحلة تبخرت وتعصدت ولم تجد لها حل..
طلاب الاستمراريات كذلك.. معاناة لا حدود لها ووعود لم تر النور على الواقع.. والمؤلم أن الحكومة مازالت تبتعث طلاب للدراسة في الخارج في الوقت الذي لم تستطع الايفاء بواجباتها تجاه أبنائها الطلاب المبتعثين.. حتى الطلاب الذين كانوا يعيشون على دعم من أسرهم في اليمن أصبحوا في ذات المعاناة.. معاناة داخلية ومعاناة أشد خارجية.. الوفاء بالعهد من الحكومة وسرعة إرسال الرسوم الدراسية للطلاب خاصة بعد تشغيل نظام البنك المركزي هو المطلوب تعجيله من الحكومة الموقرة.. وتأخير الحكومة المتكرر تسبب بمشاكل بين الطلاب أنفسهم فالمجالس الانتقالية بدأ تشكليها بين الطلاب المبتعثين.. وأتمنى ألا نكرر ونردد المثل الشعبي: (حجر وسيري.... سايرة ولا تكوني)
كملوا من عندكم..
أصرفوا مستحقات الطلاب