روى الإمام ابن الجوزي حادثة وقعت أثناء الحج في زمانه؛ إذ بينما الحجاج يطوفون بالكعبة ويغرفون الماء من بئر زمزم قام أعرابي فحسر عن ثوبه، ثم بال في البئر والناس ينظرون، فما كان من الحجاج إلا أن انهالوا عليه بالضرب حتى كاد يموت، وخلّصه الحرس منهم، وجاءوا به إلى والي مكة، فقال له: قبّحك الله، لِمَ فعلت هذا؟ قال الأعرابي: حتى يعرفني الناس، يقولون: هذا فلان الذي بال في بئر زمزم!! ولم يعلم هذا الأعرابي أنه وضع مبدأ إعلامياً سار عليه للأسف الباحثون عن الشهرة خاصة في عصرنا الحالي وما فيه من قنوات إعلامية مختلفة وقنوات تواصل اجتماعي أصبحت مرتعا لكل سفيه وجاهل وحاقد.
فهناك بعض حثالة المجتمع أرادوا الشهرة من خلال الاستهزاء بثوابت الدين المرتكزة على القرآن الكريم والسنة المطهرة أو الطعن في ولاة الأمر والاستهزاء بهم بدعوى الحرية الشخصية.
ومن أمثلة ما سطروه في قنوات التواصل الاجتماعي عندما نهق أحدهم بقوله " دعاء الخروج من المنزل: اللهم إني أعوذ بك من المحتسبين، قفزاتهم، وسحلهم ومطاردتهم، اللهم أكفينهم بما شئت" ونهيقه كذلك بقوله " اللهم إني نويت أن أطبخ كبسة على مذهب أهل السنة والجماعة وأسميتها: ليلة الخلاص فإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني" فهذا الناهق ينطبق عليه قول الله تعالى " مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ" فهو ولد مسلما وعاش في دولة التوحيد وبلاد الحرمين ودرس السنة المطهرة ومنهج الصحابة رضي الله عنهم في مدارسها ولكنه للأسف سار على خطى اليهود بالاستهزاء بسنة خاتم الأنبياء محمد صلى الله عليه وسلم وبهذا الدين العظيم بحجة الحرية الشخصية والدعوة إلى التحرر الفكري وغيرها من دعاوى باطلة وحجج واهية.
ففي استهزائه بدعاء الخروج من المنزل استهزاء لسنة النبي صلى الله عليه وسلم الذي كان يدعو الله عند خروجه من المنزل بهذا الدعاء « بسم اللَّهِ، توكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذُ بِكَ أنْ أَضِلَّ أو أُضَلَّ ، أَوْ أَزِلَّ أوْ أُزلَّ ، أوْ أظلِمَ أوْ أُظلَم ، أوْ أَجْهَلَ أو يُجهَلَ عَلَيَّ » رواه أبو داود والتِّرمذيُّ. وأما نهيقه بقوله " اللهم إني نويت أن أطبخ كبسة على مذهب أهل السنة والجماعة واسميتها: ليلة الخلاص فإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني" ففيها استهزاء بنسك الإحرام سواء للحج أو العمرة واستهزاء بحديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي روي في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت : دخل النبي صلى الله عليه وسلم على ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب ، فقالت : يا رسول الله إني أريد الحج وأنا شاكية . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : حجي واشترطي أنّ محلي حيث حبستني" فهذا الحثالة للأسف يناصره الكثير من أهل الأهواء كالجماعات الليبرالية والعلمانية كونه يدع إلى التحرر الفكري والعقائدي وكذلك الجماعات السياسية المتخذة للدين عباءة كونه يؤيد ثوراتهم وهذا دليل على تطابق عقولهم وقلوبهم وما نقولهم فيهم إلا كما قال المثل " الطيور على أشكالها تقع".
نسأل لله السلامة.