لم يعد يطاق حق الفيتو للدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن.. يقوّض دور الأمم المتحدة ويجعل العالم مرتعا لعدم تحقيق الأمن والسلم الدوليين.
ولقد صارت تلك الدول المنتصرة في الحرب العالمية الثانية هي أصل الاستبداد في النظام العالمي اليوم، كما أنها تكرّس عدم التحول العالمي للديمقراطية في كل الأنظمة وليس داخل المنظمة الدولية فقط.
المضحك بحق هو أن دعوات إصلاح الأمم المتحدة تصطدم بحق الفيتو أيضا!
الفيتو- الذي صار وسيلة لتلك الدول التي تشرف على الحروب والفوضى في العالم لصالح مصالحها، الفيتو الذي يضحك على العالم بكذبة بشعة كمجلس الأمن.. بينما لا يحق للدول الأعضاء غير الدائمة فيه اتخاذ القرار وبالتالي لا يحق لأكثر من 190 دولة عضوة في الأمم المتحدة اتخاذ القرار أيضا.
بالتأكيد.. ستستمر مآسي الحروب والإرهاب في العالم ما لم تتغير صيغة الإذلال واللامساواة العالمية تلك.. ويوما ما ستشتعل ثورة تمرد عالمية على هذا النظام الذي يرفض إيجاد نظام أمن عالمي جديد وفاعل ومبدأي وأخلاقي.
إن العالم بحاجة قصوى لمجلس أمن لا تسيطر فيه النزعات الاستعمارية لمنظمة أممية بدون حق نقض غير ديمقراطي.. لمنظمة تفرض الأمن للعالم ولا تكرس نقض الحق.
آلاف من الفظائع العنفية التي اندلعت في العالم وتسببت بكوارث إنسانية لا توصف كان يمكن تفعيل قرارات مجلس الأمن تجاهها وصدها قبل أن يتم مباركتها بحق النقض المقيت.
لذلك كله، فإن حق الفيتو هو أبو الإرهاب العالمي للدول الخمس التي تخادع بحمايتها للسلام وتلعب بالعالم وفق مبدأ ثيوسيديس الشهير: القوي يفعل ما يشاء بينما الضعيف يعاني كما يفترض به.
ذلك أولا بلا شك.. وثانيا:
علينا كيمنيين عدم الركون على حلول سحرية من مجلس الأمن.. مجلس الأمن هو المجمع العام لإدارة الصراعات في العالم.. غطاء لصناع القرار من اللاعبين الكبار الأكثر وحشية والذين يتقاسمون الدور وفقا لتضارب أجنداتهم الإستراتيجية في كل المناطق الهشة وعلى رأسها طبعا منطقة الشرق الأوسط.
في البداية يوعزون لأياديهم المحلية بتفجير الصراع ثم يصدرون قرارات مطاطية ماكرة، لا يمكن تنفيذها ويراقبون الوضع عن كثب. فيما يديرون مراحل الصراع لوجستيا إلى أن يصل أطرافه في الداخل إلى الرضوخ لمرحلة التخيير.. وهكذا فقط: كما لو أنهم يلعبون البلايستيشن.