هو يصرخ بزوجته حد رفع يده والتهديد بالعنف داخل محل ملابس دخلته أبحث عن جوارب مع العلم أنه مضى زمن منذ ارتديت الجزمة، والبائع يتساءل ما لذي أعنيه بالجوارب وسط صراخ الرجل الصدمة وصمت زوجته..
تخليت عن فكرة الجوارب وتدخلت، تدخلت هكذا ببعض الارتياب فبدأ تدخلي عرضة للعدائية، بادرتني هي وقد غادرت صمتها متسائلة: وأنت ما معك تتحاكى؟ تبدو النساء في بلادنا اقرب لذلك الحارس الأخلاقي اليقظ لفكرة العائلة، وهي قد نطقت تتحاكى برقة مزكومة من صنعاء القديمة منحتها نزلة البرد رقة، إضافية لصوت رقيق تاريخياً وكلمة هي التجسيد الكلي لصوت المكان بين زجاج القمريات الملون معكوساً على أنف تتندى من عرق أنوثة الطيرمانات..
كان حضورها يشي بالكسل الارستقراطي المدلل والمستاء في آن، فلماذا يصرخ الرجل إذن؟ وما الذي دعاهما لنقل لحظة توتر عائلي من لفة درج ببيت في الأبهر الى مدخل دكان ملابس بين مازدا والصيانة؟..
إنه أخوها وهو يعاني أمراً ما، هكذا همست بهذا المعنى وقد لمحت برنامج الصدمة وقد بدا بثاً مباشراً من ملامحي، هما ما تبقى من عائلة مات أفرادها في أسبوع واحد، هكذا شرح صاحب المعرض وقد غادرت وهي تردد: ناهي ناهي، وعبد الكريم يرفع يده صارخا: عد الطمش.
التفاصيل تخبر هذا فحسب، لا أحد يدري أين تعيش فتاة بالغة الجمال والرقة رفقة شقيق لا تدري كيف تقسم نفسها بين حمايته وحماية نفسها منه، لم تكن في المعرض لشراء الملابس، كلما هنالك أنها لا تكف تعرض كل يوم قطعة أفضل من ملابسها وكيف أنها تحلف أن تلك القطيفة أصلاً بخمسين ألفاً وتحتاج خمسة آلاف مقابلها.
غادرت وأنا أفكر في النهايات، وما إن كان هذا حقاً أم أن صاحب المعرض الذي لا يعرف معنى جوارب، يعرف كيف يختلق القصص فلقد تعرف لولعي القصصي من تواجده في صفحتي ومبادلة السرديات التي تسقط من حياة الناس بين مازدا والصيانة، إنه لا يكف يبيعني ملابس ضيقة أصغر من مقاسي منوها إلى أنها ستتسع مع الوقت..
حلف يمين بحياة أولاده أن حورية تبيع زنانها فعلا لتطعم أخاها وتشتري له المهدئات.
غادرت متعجلاً، ليس للحاق بحورية وإنجاز خاتمة إنسانية لحكاية بلد وجد نفسه متأبطاً ذراع حورية بلا أب..
كلما هنالك أنني سئمت التواجد على إيقاع مأساوي بنغمات متباينة لوجع وحيد.