بقايا وطن مات دون إلتفاتة
بين سطور الوهم أمضي أرسم الزيف وأرحل !
كنت أقيم في مودته وسعادة أرضه وترابه
أشرب من ينابيعه وأحب فيه مودة أهله
أستقي منه العبر وأرى فيه ما أشاء وأرغب .
وفجأة إلتقيت بوطن آخر
نزفت دماؤه
وقتل أبناؤه
بعد الرحيل
قامّت الحرية لتعود من جديد في أوساط من تجرعوا الذل والانكسار
وبدون قانون أصبح الرجال والنساء يتهافتون لبقاء من يبقى ولرحيل من يرحل !
اختلط الحابل بالنابل فـ توزعت القنابل وتفرق شمل القبائل بين معارضٍ ومناصر وقاتل !
أعوام مرت دون انتصار إلا في دخول البعض مقر شهداء "الوطن".
والأكاليل ستتوزع بعد ذلك على ضريحهم في نصب تذكاري يسمى "الجندي المجهول ".
هل ترى ستكون تلك الأكاليل كافية لهم حين ينتصر من ينتصر أو سيوصمون بالغدر والخسة
هل سيكتفون بقبورهم الجماعية؟
وهل سيعلمون كم من الدموع انهمرت عِند فراق قلب قبل جسد؟
هل من سينتصر سيعلم أن هؤلاء هُم من ضحوا بأغلى ما لديهم لكي يصل هو إلى هذا المكان؟.
وهل سينفذ ما كانوا يرغبون به وما ماتوا لأجله؟
هل ترى سنعلم من قال يوماً ابتعد؟
وهل ستبقى لهم ذُكرى تعاد وتكتب !
أعلم أن التاريخ لا يمجد إلا من ينتصر.. فكتبنا الدراسية تمتلئ بهذا النوع من التمجيد والتهليل
وحين يسقط.. يسقط معه كل ذلك التبجيل ليحل محله الانتقاص ووصمة عار تلتصق بصاحب التمجيد المزيف قبلها برؤيتهم..
هل سنكتفي بالنظر إلى من سيصل؟
وأما الذي لن يستطيع الوصول فتعساً له فهو مجرم ومخالف لأنظمة الكون والسنن الكونية في بقاءه على قيد الحياة..!
سيقرأ أبناؤنا يوماً أن المناضل "زيد" كان رجلاً رائعاً ومجيداً وأصلح الحال وشرح البال وأحبه الرجال والأطفال..
ثم فجأة تقوم ثورة فيقال: ذلك الظالم والفاسق والمنافق واللا وطني والقاتل والسجان ومعبد الطريق للجان !
ما ذنب أبنائنا في مثل هكذا مأساة تلي مأساة؟
هل سيبقون رفقة أحفادنا في خلاف على الأوصاف؟
وهل سيكونون يوماً في صف "عمرو" الذي أنصف يوماً ثم أضاع ما ولي عليه من شؤون الرعية؟..
وهل سنبقى يوماً في صف الحرية مقيدين الأيدي؟
حين تكتُب حرف لا يصِل وتضعُ شمعة للأمل ولكِن للأسف عود الثقاب غير موجود فهل سترى ما تكتب؟ وكيف ستكتب أصلا؟ وهل ستنير الشمعة؟.
في دواخلنا إحساس مقيم يحب دوماً أن يكون مبتعِداً عن أماكن الاقتتال وحيث تتواجد الأغلال!
وفي مياه الأوطان التي نشربها نجِد كل التحالف بين الذرات وبين التخالف في الانتماءات والاعتقادات !
وفي أوديتها نجد التين نفسه والعنب نفسه واللون نفسه ثم لا نجِد شيئاً يختلف سوى نحن !
لا أدري حقا لما نحن مختلفين؟ وفي أي شيء نختلف !
في الدين؟
نعم لكل أمة دين ولكل قبيلة والِ وشيخ ولكل دولة رئيس وإن لم يرض به المرؤوس !
ولكن نحن جميعاً بشر! أليس هذا الأمر صحيح؟
أظن أن أحداً لن يقول لا !
إذن فهل تختلف أفكارنا أيضاً ونحن أبناء دين واحد؟
نعم بكل تأكيّد
فنحن مذاهب ولكل جماعة منا انتماء وشيخ وعلامة !
حسنا إذن
نحن أبناء مذهب واحد.. فلما نختلف؟
لأن كل إنسان يرى في الآخر اختلافا وأمورا لا نجدها إلا لديه وإن اتفق مع سواه ستجِد أنه لن يتفق معه سوى في أمر أو اثنين ويختلف معه في أمور أخرى !..
إذن الاختلاف في النفس البشرية وليس في الانتماء أو الدين وإن كانا سببين أساسيين في الاختلاف ولكن الحقيقة تقول أن الذي نختلف فيه هو نحن !
نحن نختلف ولا نتفق هذه حقيقة