من منّا ينكر عطاء محافظة مأرب التي صعد خيرها لكل شبر في الوطن، بينما شر المليشيات لها نازل حتى اللحظة؟!
من ينكر خير مأرب الذي أغدق الوطن بالثروة والمشتقات النفطية والخضار والفواكه واللحوم وسدها الذي أعاد للخضرة كساها السندسي.
وفي الوقت الذي تصدر مأرب خيرها الوفير لكل بيت في وطننا الحبيب، ما تزال صواريخ الحوثي وصالح، تهطل براكين حقد أسود على مأرب التي مدت كل أرجاء الجمهورية بالكهرباء وحرمت نفسها منها!. وهي صورة تجسد أبهى معاني الإيثار والبذل، أن يحرمك الآخرون، فتبادر بمد يد العطاء نحوهم.
من آبار مأرب المترعة ثروة واعدة، سقت التنمية في اليمن حتى نمت، وصنعت نهضة حاضر وطننا ومستقبله المشرق وكانت أساس التطوير الذي شهدته اليمن في عصرنا الحديث، كما كانت مصدر فخر لماضٍ عريق شهد حضارة عريقة لأوائل العرب الذين انتشروا أشتاتاً في باقي الوطن العربي.
ورغم كل ذلك، لم تنل مأرب حظها ولو اليسير، من التنمية والتطور الحضاري والمعماري على مدى المرحلة السابقة، وفي مشهد يعبّر عن الحقد، وصفها الرئيس السابق "صالح" ((ولم يكن صالحاً)) بمعية محافظتي شبوة والجوف بمحور الشر، كونهما يصدران الخير ويحصدان الشر والقتل والتهميش لأبنائها، أي نكران وجحود هذا؟!!.
كانت جنة وصافر، قبلة المليشيات الانقلابية الأولى، غير أن أبناء مأرب وشبوة والجوف وقفوا بصمود أسطوري في وجه مشاريع الإمامة والإقصاء والتهميش، وثبتوا أسوداً دفاعاً عن الجمهورية عندما التحم أبناء هذه المحافظات بأبناء الشعب قاطبة، وكانت مأرب جبلاً منيعاً وسداً حاجزاً لوقف تمدد الحوثي وصالح وغدت مقبرة لكل غازٍ مغرور بل وسطرت الانتصارات تلو الانتصارات لباقي الوطن وجسدت البداية المنطقية لمشروع الدولة العادلة المنشودة.
ما تزال مأرب اليوم ترفع هذا الشعار وتؤمن به، وتقف في الصف الأول دفاعاً عن مشروع الدولة الاتحادية من ستة أقاليم وحين خرج أبناؤها بمختلف توجهاتهم كانوا يحملون في جعبهم هذا الحلم تَرَكُوا الثارات فيما بينهم التي زرعها علي عبدالله صالح طيلة نظام حكمه متبعاً النظرية الاستعمارية (فرق تسد) وتركوا الحزبيات والمناطقية خلف ظهورهم وقاتلوا بكل بطولة وشراسة خلف محافظ مأرب اللواء/ سلطان العرادة، تحت قيادة الرئيس المناضل الفذ/ عبدربه منصور هادي وكان النصر حليفهم.
وهاهي مأرب اليوم، غير مأرب الأمس، تنفض عن ثوبها البلقيسي الأخضر، وتاجها السبئي الأخاذ، غبار سنين الجور والحرمان، وتقود نفسها اليوم كملكة متوجة، برغم الظروف والإمكانيات التي سببتها الحرب وقلة الموارد، إلا أنها فتحت ذراعيها لأبناء الوطن كافة، واتجهت نحو تنمية حقيقية لم تشهدها في عهدها السابق، وحظيت بتنمية حقيقية من حكومة الدكتور/ أحمد عبيد بن دغر، ومن محافظ مأرب لم تحظ بها من قبل، بتنفيذ عدد من المشاريع الخدمية كربط مأرب بالمحطة الغازية التي حرمت منها خلال السنوات الماضية، وبناء جامعة سبأ، وزفلتت عدد من الطرقات الرئيسيّة، ومشاريع أخرى كإنشاء مطار سبأ الدولي وكلية عسكرية، أحلام مشروعة لأبناء إقليم سبأ وتكاد أن تتحقق في ظل القيادة السياسية ممثلة في فخامة الرئيس/ عبدربه منصور هادي، رئيس الجمهورية.
صواريخ الحوثي وصالح ترسل يومياً على أبناء مأرب وضحيتها الأطفال والأبرياء ولولا جهود الأشقاء في التحالف العربي بغطاء الباتريوت الذي يسقط ويبطل هذا الصورايخ الإيرانية الصنع قبل نزولها على مأرب لكان أهلنا وأطفالنا وبيوتنا ومن سكن بيننا في مأرب، في عداد المجازر التي صدرها مشروعهم الإجرامي الإرهابي.
وعندما نستذكر محافظة مأرب، فهذا لا يعني أن باقي المحافظات قد أنصفت وأمورها جيدة، بل على العكس، فعلى سبيل المثال، عانت حضرموت أيضا الكثير من الحرمان مقارنة بمساحتها الشاسعة وثروتها وحضارتها همشت تحت حكم المركز وسياسة المركزية البيروقراطية وتعقيداتها، كما عانت العاصمة الاقتصادية لليمن عدن آنذاك، من التهميش الممنهج في البنية التحتية ومنعت من جذب الاستثمارات الخارجية والمشاريع الصناعية برغم موقعها الاستراتيجي الهام الذي يجعلها تتربع على عرش الاقتصاديات العربية والعالمية.
سقطرى هي الأخرى، تلك الجزيرة التي تنام في أحضان المحيط الهندي، خلّف انعزال الجزيرة الطويل عن أفريقيا وشبه الجزيرة العربية، مستوى فريد وغير مألوف من الاستيطان الحيوي على الجزيرة، كان بالإمكان وبالاهتمام البسيط لسكان جزيرة "شجرة دم الأخوين" أن تغدو أجمل جزيرة على سطح المعمورة وأفضل المحميات في العالم، لكن هذا يتنافى مع قيم النظام العائلي لصالح الذي كرس كل وقته لتثبيت مشروع التوريث، وإهماله التام للتنمية التي كانت تحتاجها هذه المدن، وظل الإنسان السقطري يعيش في عزلة شبه تامة عن العالم.
وكنماذج، دفعت هذه المحافظات ثمن الحكم العائلي الذي انتهجه علي عبدالله صالح وعائلته تحت لباس الجمهورية والديمقراطية وهي القيم البعيدة عنه كل البعد، واليوم يحاول حلفاؤه في الحرب وفِي التدمير (الحوثي) إعادة الإمامة التي أسقطها اليمنيون ورفعوا السلاح انتصاراً ووفاء للجمهورية والثورة والتخلص من العبودية إلى الأبد..