حتى وباء الكوليرا الملعون، لم يسلم منه اليمن وأبناؤه الذين يرزحون تحت صراع دموي تجاوز الـ18 شهراً، ما يدل على أن هناك نُذر شؤم ونواقيس خطر بدأت تلوح بأفق هذا البلد العربي الشقيق، جراء انتشار أمراض وأوبئة فيه وتدمير مؤسساته وجامعاته ومدارسه ومستشفياته وبناه التحتية.
فخلال 17 يوماً فقط، وبالضبط في الفترة الواقعة ما بين 27 نيسان و13 أيار الماضيين، فتك ذلك الوباء الخبيث بـ115 شخصاً، فضلاً عن إصابة نحو 8500، في أربع عشرة محافظة يمنية بدأ يتنشر بها هذا المرض.
إن إصابة مثل هذا العدد بمرض الكوليرا، خلال فترة بسيطة، يدل على أن عدوى ذلك الوباء بدأت تنتشر، في مدن وأرياف اليمن، كانتشار النار في الهشيم، ويؤكد بأن الوضع خطر جداً، خصوصا في ظل تدمير حوالي 270 مستشفى ومرفقا صحيا، ونقص المياه النقية لأكثر من ثلثي سكان اليمن، البالغ عددهم ما يُقارب الـ26 مليون نسمة، لدرجة أنه يرقد على سرير الشفاء الواحد ببعض المستشفيات 4 مرضى من المصابين بـ"الكوليرا".
ألا يوجد بأمة العروبة، الذين تجاوز عددهم الـ300 مليون شخص، وأمة الإسلام الذين فاق عددهم الـ1.5 مليار، من رجل رشيد يوقف أو يعمل على المساعدة في إنهاء الصراع الدائر حالياً في اليمن، أصل العرب، وينقذ ما تبقى من أصول وجذور العرب العاربة والمستعربة، والتي أصبحت على وشك الإبادة.
أليس هناك رجل عاقل يُوقف مأساة، راح ضحيتها آلاف اليمنيين ومثلهم من الجرحى والمصابين، جلهم مدنيين من أطفال ونساء وشيوخ، ناهيك عن ما يتعرض له اليمنيون من أمراض وأوبئة وجوع وسوء تغذية قد تفتك بما تبقى منهم على قيد الحياة، أو على الأقل تجعلهم يمتلكون أجساماً غير سليمة جراء تلك الأمراض.
فحتى لو وضعت الحرب في اليمن أوزارها، خلال الوقت الحالي، ولا نظنها كذلك في ضوء المعطيات الموجودة على أرض الواقع وما يلوح بالأفق السياسي، فكيف سيستطيع اليمنيون مواكبة تعليمهم ودراستهم؟، خصوصاً إذا ما علمنا بأن الحرب قد دمرت تقريباً 876 جامعة ومدرسة ومعهدا تعليميا.
كيف يستطيع اليمنيون العيش، وأربعة عشر مليونا منهم يحتاجون لمساعدات غذائية، ويعانون من انعدام الأمن الغذائي؟، وكيف يستطيعون العيش وقد دمرت الحرب وألحقت أضراراً بـ403 آلاف منزل.
كيف ستكون ملامح وصفات الجيل المقبل من أبناء اليمن، وبالأخص أن وكالات إغاثة أممية تؤكد بأن نحو 1.5 مليون طفل مصابون بسوء تغذية، وقرابة نصف الأطفال توقف نموهم، حيث يكونون أقصر قامة مقارنة بمن هم في مثل أعمارهم، جراء سوء التغذية المزمن.
فالحرب الدائرة في اليمن، إلى جانب أنها فتكت بآلاف الأرواح وخلفت أيضاً عشرات الآلاف من المصابين، بعضهم أصبح يعاني من إعاقات دائمة، قد دمرت بنى تحتية يلزمها عشرات الأعوام ومليارات الدنانير حتى تعود على الأقل عما كانت عليه قبل عام ونصف العام.
فهذه الحرب قد دمرت 1600 منشأة حكومية، و161 محطة كهربائية، و307 خزانات وشبكات مياه، و26 منشأة إعلامية، حتى المساجد لم تسلم إذ دُمر حتى الآن 712 مسجد.
لا أحد يعلم كيف سيتم معالجة قضية نزوح 3 ملايين يمني، وإجبار 200 ألف آخرين على اللجوء خارج بلدهم، وإيجاد حلول لها؟، فاليمن لا بواكي له!.
نقلا عن الغد الأردنية