;
د. عبد الواسع هزبر المخلافي
د. عبد الواسع هزبر المخلافي

النيَّات المخلصة تصنع الأعمال الطيبة(1) 1048

2017-06-08 04:06:23

 عن أمير المؤمنين أبي حفص عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يقول: [إنما الأعمال بالنيَّات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها، أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه] " رواه البخاري ومسلم" .
النيَّات تصنع الأعمال أياً كانت وجهتها ومقاصدها، لكن النيَّات الحسنة هي من تصنع الأعمال الشرعية وأخلصها وأصوبها لله. والعمل الخالص هو ما ابتغى به صاحبه وجه الله تعالى، والعمل الصواب هو ما كان موافقا لسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم، وهو ما يقرره الفضيل بن عِياض عندما فسر قوله تعالى [[ليبلوكم أيكم أحسن عملا ]]، فقال أحسن العمل هو: أخلصه وأصوبه كما بينا الأخلص والأصوب آنفا .
 ومن اللافت للنظر في أهمية النية في العمل وتجريد الإخلاص في الأقوال والأعمال لله وحده أننا نجد: كثافة أحاديث النية والإخلاص في الجهاد، فمعظم الأحاديث التي تأمرنا بالنيّة وتحثنا على الإخلاص في الأعمال هي في أبواب الترغيب والترهيب ومعظمها تعالج قضايا الجهاد في سبيل الله ومتعلقاته، بدءا من الجاهزية والإعداد إلى التضحية والاستشهاد، وتعمل على تفتيش الباعث على الجهاد والاستشهاد، وآخر أفعال العباد في ذلك تفتيشا دقيقا مخيفا، فهي تلاحق الداعية إلى الله وهو يبلغ رسالته إلى وفاته، وتلاحق المجاهد والمقاوم في سبيل الله إلى آخر نفس من روحه وهو يصعد إلى ربه شهيدا، أو يعود إلى أدراجه سليما منتصرا، الأمر الذي يدلنا على اهتمام القرآن بالجهاد في سبيل الله وتصحيحه وتقويمه، وعلى اهتمام السنة بأمر الجهاد في سبيل الله وإصلاحه واستقامته فرديا شخصيا بين المؤمن العابد والرب المعبود. 
 وقد أشار عبد الله القادري في كتابه: الجهاد في سبيل الله حقيقته وغايته، لهذا المعنى، إذ قال: "وقد خصّت فريضة الجهاد بالتأكيد على الحرص على إخلاص المجاهد نيّته لله تعالى، لأن تسرب الرياء إلى المجاهد أسرع منه إلى غيره، ولهذا عنيت النصوص بذلك غاية العناية. فالجهاد نفسه يرد في كتاب الله وسنة رسوله مقيدا بهذا القيد [[في سبيل الله]]..
 لذلك يجب على المجاهدين في سبيل الله أن يتذكروا هذا الأمر العظيم عند خروجهم حتى تكون جميع أعمالهم وحركاتهم في سبيل الله" " ج1، ص192-193".
 فهذا الحديث الذي بين أيدينا (إنما الأعمال بالنيّات…) هو في الهجرة، وهو يجمع في ظاهره ومضمونه بين الأعمال العامة وأعمال الجهاد في حياة الأمة الإسلامية؛ إذ أن أعمال الهجرة اشتملت على معظم أنواع الجهاد في سبيل الله التي منها الدعوة إلى الله، ومن بذل وتضحية وفداء ومفارقة وطن، بل إنها جمعت بين التضحية بالمال والتضحية بالنفس والحال والمكان في سبيل الله. 
حتى أن من ظنه الناس في الظاهر من المهاجرين المجاهدين المضحين، ضحى بماله ووطنه في سبيل الله وهاجر، وقد اتبع الرسول -صلى الله عليه وسلم- هجرة إلى الله ورسوله، فسرعان ما انكشف أمره بهذا الشهاب القبس النبوي الشريف، ووقع تحت محك النيّة الخالصة والناظور الإسلامي الدقيق الذي يكشف الخبايا ويفضحها، ذلك الميزان الإلهي والمعيار النبوي الذي يشبه شعاع عدسة تصوير من إعلامي متقن لعمله وماهر فيضعك على أدق التفاصيل والأبعاد ببث مباشر من داخل قلب الإنسان الثابت أو المضطرب.
يتبع2

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد